سموا الشيء بما من شأنه أن يفعله، وبأثره قبل أن يفعله ويؤثره، وهذا هو المجاز، وليس يصلح أن يجاب عن هذا بما ذكره من قوله هذا داخل في القسم الأول، وأي مشاركة أقرب من هذه المشاركة؛ لأن الإسكار ليس صفة لازمة للخمر، وإنما الصفة اللازمة لها القوة على الإسكار.
والقوم ما قالوا إن المجاز في قولنا الخمر قوية على الإسكار، بل في قولنا الخمر مسكرة وبهذا بطل قوله لا يمكن أن يكون خمر ولا إسكار، وقد يمكن أن يكون زيد ولا شجاعة، فإنه ظن أن الإسكار الذي يريدونه ها هنا هو الإسكار بالقوة، وليس هو مرادهم، بل مرادهم الإسكار بالفعل، وباعتباره جعلوا قولنا الخمرة مسكرة مجازا.
ومما يوضح غلطه في هذا الموضع أنه لو كان الإسكار صفة لازمة للخمر، ولا توجد خمر إلا وهي مسكرة على الوجه الذي قاله وادعاه، لكان إطلاق لفظة المسكر على الخمر حقيقة، كإطلاق لفظة الليث على الأسد، فكيف يكون هذا القسم داخلا في القسم الأول، كقولنا للشجاع أسد، وللبليد حمار؟ وأين المماثلة بين هذا الموضع وبين ذلك القسم؟ فإن ذلك القسم عبارة عن شيئين تشابها في صفة خاصة بأحدهما، فنقل اسمه إلى ما شابهه، وليست الخمر مشاركة في شيء آخر يسمى مسكرا في معنى الإسكار، فنقل اسمه إليها.