Kitab al-falah al-fallah
كتاب الفلاح الفلاح
Genres
الباب الخامس عشر فى بيان حكم التغنى ورفع الصوت بالاشعار عند سياق السانيه كما هو داب الفلاحين فى جميع الاعصار وحكم سماع ذلك منهم
فاعلم رحمنى الله واياك ان التغنى له تاثير عظيم فى استمالة القلوب وتنتعش به جميع الارواح الادميه وغيرها حتى الحيوانات الغير الناطقه كما ذكره الحكما وربما يحكى ان الجواميس اذا فارقت اماكنها وغابت عنها اياما فاذا اراد صاحبها عودها جمعوا اصحاب الات الملاهى التى تعتادها الجواميس وخرجوا فى طلبها فاذا سمعت الجواميس صوت الآلات خرجت رؤسها من الماء وطربت له ثم خرجت من الماء فيتراجع الآله قليلا قليلا والجواميس تتبعها حتى تصل الى اوطانها
وحكى عن بعض اهل الهند ان الفيل اذا صيد امتنع عن الاكل والشرب فيؤتى ببعض الأت فلا يزال يسمعها فتطيب نفسه فياكل ويشرب ويالف وحكى مثل هذا عن كثير من انواع الطير حتى شوهد ذلك بالعيان واخبر به الثقات ورواه اصحاب التواريخ كما فى الحليه وغيرها ويكفيك شاهدا على ذلك قول صاحب البردة واطرب العيس حادى العيس بالنغم فانه اعدل شاهد لهذا المدعى لمن القى السمع ووعى ومن المشاهد سرعة مشى الجمال عند غناء الحادى وخفة الاثقال عليها وقطعها واديا فواديا واذهاب ما يجده المسافر من عياء السفر وترويح النفس مما يكابده وتصفية الفكر مما لا ينكره الا من غلظ حسه وضعف حدسه واما الكلام على مطلق الغنا من حيث الحل والحرمة فامر كثر فيه المقال وتعارضت فيه شواهد الاستدلال ومن جزم بالتحريم اراد سد الذريعة قاية حمى الشريعه وللشيخ ابن حجر المكى رسالة حافلة فى ذلك سماها كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع ويستنبط الحكم من الاسم المذكور كما اشار اليه بعض العلما مما هو فى غاية الظهور وقد رايت فى كتاب فرح الاسماع برخص السماع للعلامه الادفوى الشافعى ان المشهور من مذهب الائمة الاربعة ان الضرب بالعود وما جرى مجراه حرام وذهبت طائفة الى جوازه ونقل سماعه عن عبدالله بن عمر وعبدالله بن جعفر وعبدالله بن الزبير ومعوية بن ابى سفيان وعمرو ابن العاص وغيرهم ومن التابعين خارجة ابن زيد وعبدالرحمن بن حسان وسعيد ابن المسيب وعطاء بن ابى رباح والشعبى وابن ابى عتيق واكثر فقهاء اهل المدينة ونقل عن مالك سماعه وحكى اباحته الماوردى عن بعض الشافعية وقد قال الامام الشافعى رحمه الله تعالى لا يعذب على فعل اختلف فيه العلماء وقال ابن عبدالسلام ان الله تعالى لم يوجب على ان اكون حنفيا او شافعيا او مالكيا او حنبليا وانما الواجب عليهم اتباع الكتاب المنزل والنبى المرسل ومن اقتدى بقول عالم سقط الملام والسلام انتهى
Page 192