أمينموبي المصري
سفر الأمثال العبراني
تبصر لنفسك في هذه الفصول الثلاثين (20) ألم أكتب لك ثلاثين فصلا
حتى تكون مسرة (لك) وتعليما.
من جهة مؤامرة ومعرفة؟ (أمينموبي 27: 7-8)
سفر الأمثال (22: 20)
وإن ذكر أحد مؤلفي «العهد القديم» - على غير المألوف - لكتاب أجنبي عن العبرانية، كان ينقل عنه من غير تحفظ، يؤكد لنا أنه كان تحت يده ترجمة عبرانية كاملة للكتاب الذي وضعه «أمينموبي» المصري، بمعنى أن تلك الترجمة كانت تحتوي على جميع الثلاثين فصلا التي حواها الأصل المصري الهيروغليفي، وإلا كانت كلمة «ثلاثين» بعد وضعها في كتاب الأمثال لا تدل على أي معنى. ولكي يحافظ الناقل العبراني على هذا المعنى نراه، مع عدم نقله للثلاثين فصلا التي يحويها الأصل المصري القديم برمتها، قد استعمل بالضبط «ثلاثين» مثلا في نسخته العبرية المختصرة (الأمثال 22: 17، 24: 22).
ولا شك أن القارئ قد كون لنفسه ملاحظة ذات أهمية بارزة بعد أن تأمل تلك الفقرات من كتاب الحكمة العبرية القديم، ووضعها جنبا لجنب مع الأصل المصري القديم الذي اقتبست منه. على أنه يتضح لنا، خلافا للأجزاء التي ترجمت ترجمة حقيقية، أن مصنف «كتاب الأمثال» لم يكن مستسلما ولا آلة جامدة في نقل تلك الحكم المصرية القديمة عن الترجمة الفلسطينية.
وليس لدينا أمل كبير في العثور يوما ما على تلك الترجمة، ولعله من الجائز أن يكون المترجم الفلسطيني نفسه قد أخرج الترجمة غير المقيدة التي وجدناها في «سفر الأمثال»، وعلى ذلك كان مصنف الأمثال ينقل عن تلك الترجمة كما هي.
ومهما يكن من الأمر فإن الحقيقة الناصعة هي أن الصورة التي ظهرت بها حكم «أمينموبي» مرارا في «سفر الأمثال» توضح لنا بجلاء أن المترجم أو المصنف العبراني قد اقتبس في الغالب مجرد الأفكار المصرية القديمة ونشرها بتصرف بما له من نظر ثاقب إلى الحياة، وبما له من المهارة الأدبية السامية والدراسة باللغة التي ينقل إليها، وهي عادة لغته. ويتضح ذلك تماما من إيراد بعض الأمثلة الواضحة القاطعة؛ فنجد مثلا أن «الغنى» يتخذ له أجنحة في كل من مصر وفلسطين، غير أن الأجنحة المصرية كانت أجنحة «إوز»، وأما الأجنحة في فلسطين، حيث لم تكن هناك مستنقعات زاخرة بالإوز البري، فقد أبدل المترجم بها أجنحة النسر.
Unknown page