Risalat fi fadl al-Andalus wa-dikr rijalha
رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها
Investigator
د. صلاح الدين المنجد
Publisher
دار الكتاب الجديد
Edition Number
الأولى، 1968م
بعلمها وأن ملوكها كانوا يتواضعون لعلمائها ويرفعون اقدارهم ويصدرون عن آرائهم وأنهم كانوا لا يقدمون وزيرا ولا مشاورا ما لم يكن عالما حتى ان الحكم المستنصر لما كره له العلماء شرب الخمر هم بقطع شجرة العنب من الأندلس فقيل له فإنها تعصر من سواها فامسك عن ذلك وأنهم كانوا لا يقدمون أحدا للفتوى ولا لقبول الشهادة حتى يطول أختباره وتعقد له مجالس المذاكرة ويكون ذا مال في غالب الحال خوفا من ان يميل به الفقر إلى الطمع فيما في ايدي الناس فيبيع به حقوق الدين وقد أخبرت ان الحكم الربضي اراد تقديم شخص من الفقهاء يختص به للشهادة فأخذ في ذلك مع يحيى بن يحيى وغيرهما من اعلام العلماء فقالوا له هو أهل ولكنه شديد الفقر ومن يكون في هذه الحالة لا تأمنه على حقوق المسلمين لا سيما وأنت تريد انتفاعه وظهوره في الدخول في المواريث والوصايا واشباه ذلك فسكت ولم يرد منازعتهم وبقي مهموما من كونهم لم يقبلوا قوله فنظر اليه ولده عبد الرحمن الذي ولي الملك بعده وعلى وجهه اثر ذلك فقال ما بالك يا مولاي فقال الا ترى لهؤلاء الذين نقدمهم وننوه عند الناس بمكانتهم حتى إذا كلفناهم ما ليس عليهم فيه شطط بل ما لا يعيبهم ولا مما هو يزرؤهم صدونا عنه وغلقوا ابواب الشفاعة وذكر له ما كان منهم فقال يا مولاي انت أولى الناس بالانصاف ان هؤلاء ما قدمتهم انت ولا نوهت بهم وانما قدمهم ونوه بهم علمهم أو كنت تأخذ قوما جهالا فتضعهم في مواضعهم قال لا قال فانصفهم فيما تعبوا فيه من العلم لينالوا به لذة الدنيا وراحة الآخرة قال صدقت ثم قال وأما كونهم لم يقبلوا هذا الرجل لشدة فقره فالعلة في ذلك تنحسم بما يبقى لك من الصالحات ذكرا قال وما هو قال تعطيه من مالك قدر ما يلحق به من الغنى ما يؤهله لتلك المنزلة ويزيل عنك خجل ردهم لك وتكون هذه
Page 53