Faḍāʾil al-Thaqalayn min kitāb Tawḍīḥ al-Dalāʾil ʿalā Tarjīḥ al-Faḍāʾil
فضائل الثقلين من كتاب توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل
Genres
أي بني، اعرف الحق لمن عرفه لك شريفا كان أو وضيعا، واطرح عنك وارادات الهموم بعزائم الصبر، لا تصرم أخاك على ارتياب، ولا تقطعه من دون استعتاب، وليس جزاء من سرك أن تسوءه، الرزق رزقان: رزق تأتيه ورزق يأتيك، فإن لم تأته أتاك، واستعن بالله تعالى على أمورك، فإنه أكفأ معين، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته (1).
1043 وروى الليث بن سعد، عن نافع، عن شريح القاضي، قال: اشتريت دارا بثمانين دينارا، وكتبت كتابا وأشهدت عدولا، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) فلما أتيته، قال: «يا شريح، بلغني إنك اشتريت دارا بثمانين دينارا، وكتبت كتابا، وأشهدت عدولا؟».
قلت: قد كان ذلك يا أمير المؤمنين، قال: «إنه سيأتيك من لا ينظر في كتابك، ولا يسألك عن بينتك حتى يخرجك منها شاخصا، ويسلمك إلى قبرك خالصا، فانظر أن لا تكون اشتريت دارا من غير مالك، ووزنت مالا من غير حلالك، فإذا أنت قد خسرت الدارين: دار الدنيا ودار الآخرة، فلو أنك عند ما اشتريت هذه الدار أتيتني، فكتبت لك كتابا على هذه النسخة إذا ما اشتريتها بدرهمين».
قلت: وما كنت تكتب يا أمير المؤمنين؟ قال (عليه السلام): «كنت أكتب: هذا ما اشترى عبد ذليل من ميت قد أزعج بالرحيل، اشترى منه دارا بدار الغرور من الجانب الفاني إلى عسكر الهالكين، تجمع هذه الدار حدودا أربعة: الحد الأول منها ينتهي إلى دواعي المصيبات، والحد الثاني ينتهي إلى دواعي العاهات، والحد الثالث ينتهي إلى دواعي الآفات، والحد الرابع ينتهي إلى الهوى المردي وإلى الشيطان المغوي، وفيه يشرع باب هذه الدار.
اشترى هذا المفتون المغرور بالأمل من هذا المزعج بالأجل جميع ما في هذا الدار، بالخروج من عز القنوع، والدخول في ذل الطلب، فما أدرك هذا المشتري من درك فيما اشتراه، فعلى مبلي أجسام الملوك، وسالب نفوس الجبابرة، ومزيل ملك الفراعنة، مثل كسرى وقيصر وتبع وحمير، ومن جمع المال على المال فأكثر، ومن بنى فشيد، وزخرف فنجد، وجمع واعتقد، ونظر بزعمه للولد، اشخاصهم جميعا إلى موقف العرض والحساب، وموضع الثواب والعقاب، إذا وقع الأمر بفصل القضاء.- وفي رواية: إذا وضع الكرسي لفصل القضاء- وخسر هنالك
Page 403