... بسم الله الرحمن الرحيم

Page 1

قال الشيخ الإمام ، العالم العلامة ، المحدث سالم بن محمد السنهوري : باب ما جاء في أسماء ليلة النصف من شعبان ومنها الليلة المباركة ، قال أبو العباس بن عطاء مباركة لمجاورة الملائكة ومقاربتهم ، فقد روي أن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يسح الله الخير في أربع ليال سحا ، وذكر منها ليلة النصف من شعبان .

ومن أسمائها ليلة القسمة والتقدير ، لما روي عن عطاء بن يسار قال : إذا كان ليلة النصف من شعبان نسخ ملك الموت كل من يموت من شعبان إلى شعبان ، وإن الرجل ليظلم ويفجر ، وينكح النسوان ، ويغرس الأغراس ، وقد نسخ اسمه من الأحياء إلى الأموات ، وما من ليلة بعد ليلة القدر أفضل منها .

وفي رواية عنه أيضا قال : إذا كان ليلة النصف من شعبان دفع إلى ملك الموت صحيفة ، فيقال : اقبض من في هذه الصحيفة ، فإن العبد ليغرس الغرس وينكح الأزواج ، ويبني البنيان ، واسمه قد نسخ في الموتى ، وما ينظر به ملك الموت إلا أن يؤمر به فيقبضه .

وروي عن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس قال : تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان ، وإن الرجل لينكح ، ويولد له ، وقد خرج اسمه في الموتى .

/ ... وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الله عز وجل 2ب ليقضي الأقضية كلها ليلة النصف من شعبان ، ويسلمها إلى أربابها ليلة القدر ، وفي رواية ليلة السابع والعشرين من رمضان .

... وروي عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم ، وكان من أكثر صيامه في شعبان ، قلت : يا رسول الله أراك أكثر صيامك في شعبان ، قال : يا عائشة إنه شهر نسخ لملك الموت من يقبض ، وأنا أحب ألا ينسخ اسمي إلا وأنا صائم ، وفي رواية عنها قالت : ما كان تعني النبي صلى الله عليه وسلم من الشهور بعد رمضان أكثر صياما منه في شعبان ، قال صلى الله عليه وسلم : إن الأسماء تنسخ من الأحياء إلى الأموات .

Page 2

... وفي النسائي من حديث أسامة ، قلت : يا رسول الله لم أراك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم في شعبان ، قال : ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال لرب العالمين ، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم .

... وفي الصحيحين عن عائشة قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياما من شعبان إلا قليلا .

ومن أسمائها ليلة التكفير ، لما ذكر السبكي في تفسيره من أنها تكفر ذنوب السنة ، وليلة الجمعة تكفر ذنوب للأسبوع ، وليلة القدر تكفر / 3أ ذنوب العمر .

ومن أسمائها ليلة الإجابة لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : خمس ليال لا يرد فيهن الدعاء : ليلة الجمعة ، وأول ليلة من رجب ، وليلة النصف من شعبان ، وليلة العيدين ، أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ، والبيهقي في شعب الإيمان موقوفا ، وأخرجه الديلمي عن أسامة مرفوعا : خمس ليال لا يرد فيهن دعوة : أول ليلة من رجب ، وليلة النصف من شعبان، وليلة الجمعة ، وليلتا العيدين .

وقال الشافعي رحمه الله في الأم : وبلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال : في ليلة الجمعة ، وليلة الأضحى ، وليلة الفطر ، وأول ليلة من رجب ، وليلة النصف من شعبان .

ومن أسمائها ليلة الحياة لما رواه إسحاق بن راهويه بسنده عن وهب بم منبه قال : إذا كان ليلة النصف من شعبان لم يمت أحد بين المغرب والعشاء ؛ لاشتغال ملك الموت بقبض الصكاك من رب العالمين.

Page 3

ومن أسمائها ليلة عيد الملائكة ، لما ذكره أبو عبد الله طاهر بن محمد ابن أحمد الحداد ، في كتابه عيون المجالس ، فيما قيل إن للملائكة في السماء ليلتي عيد ، كما أن للمسلمين ، أي من البشر يومي عيد ، فعيد الملائكة ليلة البراءة ، يعني ليلة النصف من شعبان وليلة القدر ، وعيد المؤمنين يوم الفطر ، ويوم الأضحى .

ومن أسمائها ليلة الشفاعة ، لما روي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسا في تلك الليلة فنزل عليه جبريل ، فقال : إن الله /3ب تبارك وتعالى قد أعتق من النار نصف أمتك . ... ... ... ...

ومن أسمائها ليلة البراءة ، وليلة البركة ، وليلة التعظيم ، وليلة القدر ، وليلة الغفران والعتق من النيران .

باب ما جاء في فضل ليلة النصف من شعبان

روى الإمام أحمد في مسنده مرسلا عن كثير بن مرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليطلع ليلة النصف من شعبان إلى العباد ؛ فيغفر لأهل الأرض إلا رجلين : مشرك ومشاحن ، رواه الطبراني ، وابن حبان مسندا مرفوعا عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل بنحو لفظه .

وروى الدارقطني في كتاب السنن وغيره بسنده عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله تعالى عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل يطلع على عباده في كل ليلة نصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ، ويملي للكافرين ، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه .

Page 4

وخرج الدار قطني أيضا ، والإمام أحمد بسنديهما عن عائشة ، قالت : فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فخرجت فإذا هو بالبقيع رافعا رأسه إلى السماء ، فقال : أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله ، قالت : قلت : وما ذاك بي يا رسول الله ، ولكن ظننت أنك أتيت بعض نسائك ، قال : إن الله عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا ليلة النصف من شعبان ؛ فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم بني كلب ، وخرجه ابن ماجة في سننه بنحوها ، وهو أمثل ما /4 أورد في فضائل ليلة النصف من شعبان ، وخرجه ابن حبان في صحيحه ، لكن قال الترمذي : ضعف البخاري هذا الحديث .

Page 5