11

Juzʾ faḍāʾil Fāṭima

جزء فضائل فاطمة

Investigator

بدر البدر

Publisher

دار ابن الأثير

Edition Number

الأولى

Publication Year

1415 AH

Publisher Location

الكويت

Genres

١٤- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ [بنِ محمدٍ] (١) بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ الْبَاغِنْدِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْحَدَّادِيُّ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الْأَشْقَرُ، ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي هَارُونَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَعَنْ عُمر (٢) بْنِ ⦗٢٩⦘ قَيْسٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِنَحْوِهِ وَالسِّيَاقُ لِأَبِي هَارُونَ قَالَ: أَصْبَحَ عَلِيُّ ﵁ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: يَا فَاطِمَةُهَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ تُغَدِّينِيهُ؟ قَالَتْ: لَا وَالَّذِي أَكْرَمَ أَبِي بِالنُّبُوَّةِ مَا عِنْدِي شَيْءٌ أُغَدِّيكَهُ وَلَا كَانَ لَنَا بَعْدَكَ شَيْءٌ مُنْذُ يَوْمَيْنِ طُعْمَة إِلَّا شَيْءٌ أُوثِرُكَ بِهِ عَلَى بَطْنِي وَعَلَى ابْنَيَّ هَذَيْنِ قَالَ: يَا فَاطِمَةُ أَلَا أَعْلَمْتِنِي حَتَّى أُبْغِيَكُمْ شَيْئًا؟ قَالَتْ: إِنِّى أَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أُكَلِّفَكَ مَا لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدَهَا وَاثِقًا بِاللَّهِ وَحَسِنَ الظَّنِّ بِهِ وَاسْتَقْرَضَ دِينَارًا فَبَيْنَا الدِّينَارُ بِيَدِهِ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ لَهُمْ مَا يَصْلُحُ لَهُمْ إِذْ عَرَضَ لَهُ الْمِقْدَادُ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ قَدْ لَوَّحَتْهُ الشَّمْسُ مِنْ فَوْقِهِ وَآذَتْهُ مِنْ تَحْتِهِ فَلَمَّا رَآهُ أَنْكَرَهُ قَالَ: يَا مِقْدَادُ مَا أَزْعَجَكَ مِنْ رَحْلِكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: يَا أَبَا حَسَنٍ خَلِّ سَبِيلِي وَلَا تَسْأَلْنِي عَمَّا وَرَائِي.
فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَكْتُمَنِي حَالَكَ، قَالَ: أَمَا إِذْ أَبِيتَ فَوَالَّذِي أَكْرَمَ مُحَمَّدًا بِالنُّبُوَّةِ مَا أَزْعَجَنِي مِنْ رَحْلِي إِلَّا الْجُهْدُ وَلَقَدْ تَرَكْتُ أَهْلِي يَبْكُونَ جُوعًا فَلَمَّا سَمِعْتُ بُكَاءَ الْعِيَالِ لَمْ تَحْمِلْنِي الْأَرْضُ فَخَرَجْتُ مَغْمُومًا رَاكِبًا رَأْسِي فَهَذِهِ حَالِي وَقِصَّتِي فَهَمَلَتْ عَيْنَا عَلِيٍّ ﵁ بِالْبُكَاءِ حَتَّى بَلَّتْ دُمُوعُهُ لِحْيَتَهُ قَالَ: أَحْلِفُ بِالَّذِي حَلَفْتَ مَا أَزْعَجَنِي غَيْرُ الَّذِي أَزْعَجَكَ وَلَقَدِ اقْتَرَضْتُ دِينَارًا فَهَاكَ آثَرْتُكَ بِهِ عَلَى نَفْسِي. فَدَفَعَ إِلَيْهِ الدِّينَارَ وَرَجَعَ حَتَّى دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ ﷺ فَصَلَّى فِيهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ مَرَّ بِعَلِيٍّ ﵇ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَغَمَزَهُ بِرِجْلِهِ فَثَارَ عَلِيُّ خَلْفَ ⦗٣٠⦘ النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى لَحِقَهُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ هَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ تُعَشِّينَا؟ فانفَتَلَ إلى الرَّحْلِ، فَأَطْرَقَ عَلِيٌّ ﵁ ساعةً (٣) لَا يُحِيرُ جَوَابًا حَيَاءً مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وَقَدْ عَرَفَ الْحَالَ الَّتِي خَرَجَ عَلَيْهَا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى سُكُوتِ (٤) عَلِيٍّ، قَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ مَا لَكَ؟ أَوْ لَا تَصْرِفْ عَنْكَ أَوْ تَقُولُ نَعَمْ فَأَجِيءَ مَعَكَ؟ فَقَالَ لَهُ: حُبًّا وَكَرَامَةً بَلَى اذْهَبْ بِنَا. وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَوْحَى إِلَى نَبِيِّهِ أَنْ تَعَشَّى عِنْدَهُمْ فَقَالَ عَلِيٌّ: بَلَى فَأَخَذَ النَّبِيُّ ﷺ بِيَدِهِ فَانْطَلَقَا حَتَّى دَخَلَا عَلَى فَاطِمَةَ ﵍ فِي مُصَلًّى لَهَا وَقَدْ صَلَّتْ وَخَلْفَهَا جَفْنَةٌ تَفُورُ دُخَانًا فَلَمَّا سَمِعَتْ كَلَامَ النَّبِيِّ ﷺ فِي رَحْلِهَا خَرَجَتْ مِنَ الْمُصَلَّى فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ وَكَانَتْ أَعَزَّ النَّاسِ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ وَمَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِهَا وَقَالَ: كَيْفَ أَمْسَيْتِ رَحِمَكِ اللَّهُ عَشِّينَا غَفَرَ اللَّهُ لَكِ وَقَدْ فَعَلَ. فَأَخَذَتِ الْجَفْنَةَ فَوَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا نَظَرَ عَلِيٌّ ﵁ إليه وَشَمَّ رِيحَهُ رَمَى فَاطِمَةَ ﵍ بِبَصَرِهِ رَمْيًا شَحِيحًا فَقَالَتْ لَهُ: مَا أَشَحَّ نَظَرُكَ وَأَشَدَّهُ سُبْحَانَ اللَّهِ هَلْ أَذْنَبْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ ذَنْبًا اسْتَوْجَبْتُ بِهِ السَّخَطَ؟
قَالَ: وَأَيُّ ذَنْبٍ أَعْظَمُ مِنْ ذَنْبٍ أَصَبْتِهِ الْيَوْمَ؟ أَلَيْسَ عَهْدِي بِكِ الْيَوْمَ وَأَنْتِ تَحْلِفِينَ بِاللَّهِ مُجْتَهِدَةً مَا طَعِمْتُ طَعَامًا مِنْ (٥) يَوْمَيْنِ؟ فَنَظَرَتْ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَتْ: إِلَهِي يَعْلَمُ فِي سَمَائِهِ وَيَعْلَمُ فِي أَرْضِهِ أَنِّى لَمْ أَقَلْ إِلَّا حَقًّا قَالَ: فَأَنَّى لَكِ هَذَا الَّذِي لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ وَلَمْ أَشُمَّ مِثْلَ رَائِحَتِهِ وَلَمْ آكُلْ أَطْيَبَ مِنْهُ؟ فَوَضَعَ النَّبِيُّ ﷺ كَفَّهُ الْمُبَارَكَةَ بَيْنَ كَتِفَيْ ⦗٣١⦘ عَلِيٍّ ﵁ ثُمَّ هَزَّهَا وَقَالَ: يَا عَلِيُّ هَذَا ثَوَابُ لدِينَارِكَ هَذَا جَزَاءُ دِينَارِكَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾، ثُمَّ اسْتَعْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ بَاكِيًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هو (٦) أَبَى لَكُمَا أَنْ يُخْرِجَكُمَا مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يُجْرِيكَ فِي الْمَجْرَى الَّذِي أَجْرَى زَكَرِيَّا وَيُجْرِيكِ فِيهِ يَا فَاطِمَةُ بِالْمِثَالِ الَّذِي جَرَتْ فِيهِ مَرْيَمُ ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا﴾ .

(١) [[زيادة من طبعة الحويني. وكتب في الحاسية: ساقط من الأصل ومقيد بالهامش.]]
(٢) [[في طبعة الحويني: عَمرو.]]
(٣) [[ليست في طبعة الحويني.]]
(٤) [[في طبعة الحويني: سكون.]]
(٥) [[في طبعة الحويني: مذ.]]
(٦) [[ليست في طبعة الحويني.]]

1 / 28