Explanation of Tuḥfat Ahl al-Ṭalab in Summarizing the Principles of Ibn Rajab's Rules
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد أصول قواعد ابن رجب
Publisher
دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
Publisher Location
الرياض - المملكة العربية السعودية
Genres
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد أصول قواعد ابن رجب
تأليف
أ. د. عبد الكريم بن محمد اللاحم
Unknown page
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 2
شَرْحُ تُحْفَةِ أهْلِ الطَّلبِ فِي تَجْرِيد أصُولِ قَوَاعِد ابنِ رَجَب
1 / 3
(ح) دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، ١٤٢٧ هـ
فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر
اللاحم، عبد الكريم بن محمد
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد أصول قواعد ابن رجب / عبد الكريم بن محمد اللاحم - الرياض، ١٤٢٧ هـ
٥٩١ ص؛ ١٧ × ٢٤ سم
ردمك: ٦ - ٣٣ - ٧٠١ - ٩٩٦٠
١ - القواعد الفقهية
٢ - الفقه الحنبلي
أ - العنوان
ديوي ٢٥١.٦ ... ٣١٨/ ١٤٢٧ هـ
رقم الايداع: ٣١٨/ ١٤٢٧ هـ
ردمك: ٦ - ٣٣ - ٧٠١ - ٩٩٦٠
جميع حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
الطبعة الثانية
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع
المملكة العربية السعودية
ص. ب: ٢٧٢٦١ - الرياض ١١٤١٧ - هاتف: ٤٧٤٢٤٥٨ - ٤٧٧٣٩٥٩ - ٤٧٩٤٣٥٤ - فاكس: ٤٧٨٧١٤٠
E-mail: eshbelia@hotmail.com
1 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
المقدمة
الحمد للَّه رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وخاتم النبيين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهداه واتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن علم القواعد الفقهية من أهم العلوم للفقيه، تضبط له المسائل، وتجمع شتاتها، وتقرب بعيدها، وهي كالميزان للمسائل، تعرض عليه، وتوزن به. فعندما تعرض المسألة على القاضي أو المفتي، يعرضها على هذه القواعد، ويطبقها عليها، ويعرف حكمها بها. ولذا فقد اعتنى الفقهاء ﵏ بهذا العلم، وخصوه بالتأليف، ومما أُلّف فيه قواعد ابن رجب ﵀، المسمى: تقرير القواعد وتحرير الفوائد، وقد تناولها العلماء وطلاب العلم بالتحقيق، والدراسة، والتدريس.
ومن هؤلاء فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي ﵀ بكتابه (تحفة أهل الطلب في تجريد أصول قواعد ابن رجب) الذي حققه وعلق عليه فضيلة الدكتور خالد بن علي المشيقح، الأستاذ بقسم الفقه بفرع جامعة الإمام بالقصيم سابقًا، وعضو هيئة التدريس بجامعة القصيم بعد ذلك.
وكان من فضل اللَّه أن اشتركت في دراسته مع بعض الزملاء الأفاضل، وقد بدا لنا أثناء هذه الدراسة أن الكتاب بحاجة إلى شرح يوضح ما تتضمنه كل قاعدة من القواعد الجزئية، والتمثيل لها بما يوضحها؛ حيث إن ابن رجب ﵀ كثيرًا ما يورد القاعدة بصيغة الاستفهام، ويجمع عددًا من القواعد تحت القاعدة الواحدة ثم يسوق جملة من الفروع دون أن يربطها بما تتعلق به من جزئياتها، أو يبين وجه ارتباطها بها، كما سيتبين ذلك -إن شاء اللَّه- من هذا الشرح.
1 / 5
لذا فقد أشار عليَّ بعض الزملاء بأن أقوم بهذا الشرح، مشاركة في خدمة الكتاب، وتيسيره على المستفيدين منه، والمحتاجين إليه.
وبعد تردد أقدمت على القيام به، مع أنني لست من أهل هذا الميدان.
وقد يسَّر اللَّه هذا الشرح الذي أقدمه للقراء على ما فيه من نقص، وما يشتمل عليه من ملاحظات، تعجيلًا للفائدة، ورجاء الاستفادة مما تفضل به قراء الكتاب من توجيهات، وملاحظات في الطبعة القادمة، إن قدر ذلك.
وكان منهجي في هذا الشرح كما يلي:
أولًا: تحرير القواعد الجزئية التي تتضمنها القاعدة.
ثانيًا: إيراد أمثلة لكل قاعدة من هذه القواعد، وغالبًا ما تكون من الفروع التي يوردها ابن رجب ﵀، وقد أورد أمثلة من غيرها من الواقع وهو قليل، ولم أتوسع في الأمثلة؛ لأن المقصود توضيح القاعدة، فأكتفي بما يوضحها؛ تفاديا للإطالة التي قد تحدث السآمة وتورث الملل، ومن أراد التزود فبإمكانه أن يرجع إلى الأصل أو غيره من كتب القواعد والفروع.
ثالثًا: قد يكون من ضمن القواعد الجزئية التي تذكر تحت القاعدة غير موجود في كتاب التحفة، ولكنه موجود فى القاعدة في الأصل.
رابعًا: توثيق الأصل، وبيان معاني الكلمات التي تحتاج إلى بيان فيه.
خامسًا: تخريج الأحاديث والآثار.
سادسًا: جعلت التوثيق للقواعد دون الأمثلة؛ تفاديًا للتكرار، وذلك أن القواعد تتضمن الأمثلة غالبًا، فيكون توثيقهما واحدًا.
سابعًا: قد لا يكون محل الإحالة في التوثيق نصًّا في الموضوع، ولكن يمكن أخذه منه؛ وذلك أن وجود الموثق بنصه قليل.
1 / 6
ثامنًا: لم أترجم لمؤلف الأصل، ولا لمؤلف التحفة رحمهما اللَّه؛ لأن ذلك تكرار مع الترجمة لهما في الكتابين المذكورين وغيرهما؛ ولأن ذلك ليس من أهداف هذا الشرح.
تاسعًا: لم أتعرض للتعريف بالكتابين؛ لما ذكر في رقم (٨).
عاشرًا: جعلت قائمة أبجدية بالمراجع التي رجعت إليها.
حادي عشر: جعلت فهرسًا موضوعيًا للكتاب، يتضمن الموضوع، ورقم الصفحة، والقاعدة التي ورد الموضوع فيها.
وباللَّه التوفيق.
وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المؤلف
1 / 7
القاعدة الأولى
الماء الجاري هل هو كالراكد، أو كل جرية منه لها حكم الماء المنفرد؟ فيه خلاف في المذهب، ينبني عليه مسائل.
الشرح:
البحث في هذه القاعدة في مواضع:
١ - بيان معاني الكلمات.
٢ - معنى القاعدة.
٣ - أمثلة القاعدة.
الموضع الأول: بيان معاني الكلمات:
الماء الجاري: عكس الراكد، وهو الذي يمر بالشيء ويتجاوزه. كالسواقي، والأنهار.
الماء الراكد: هو المستقر في موضعه لا يتجاوزه. كماء البرك والآبار، والخزانات.
الجرية (١) هي المرة من الجري، وهي الدفعة من الماء، قبل الشيء وبعده وبجوانبه في مجراه، مما يتغير بذلك الشيء لو خالفه.
أو: هي الدفعة من الماء المحيطة بالشيء فيه، وتتغير به لو خالفه.
الموضع الثاني: معنى القاعدة:
معنى القاعدة: أن الماء الجاري يعتبر مجموعه كالماء الراكد، على قول (٢) فإن كان كثيرًا أخذ حكم الكثير، وإن كان قليلًا كان له حكم القليل.
_________
(١) الإنصاف (١/ ٥٨) والمبدع (١/ ٥٣).
(٢) الإنصاف (١/ ٥٧) والمبدع (٩/ ٥٢).
1 / 9
والقول الآخر: أن لكل جرية حكم نفسها (١)، فإذا بلغت حد الكثير أخذت حكمه، وإن لم تبلغ حد الكثير كان لها حكم القليل، وسيتضح ذلك بالأمثلة.
الموضوع الثالث: الأمثلة:
من أمثلة هذه القاعدة ما يأتي:
١ - إذا وقع في الماء الجاري نجاسة فلم تغيره وفيه ثلاثة مطالب:
(أ) حكم الماء على الاعتبارين.
(ب) الفرق بين الاعتبارين.
(ج) الراجح من الاعتبارين.
المطلب الأول: حكم الماء:
وفيه فرعان:
١ - حكم الماء على الاعتبار الأول.
٢ - حكم الماء على الاعتبار الثاني.
الفرع الأول: حكم الماء على الاعتبار الأول:
الماء على هذا الاعتبار له حالتان:
الحالة الأول: أن يكون مجموعه كثيرًا، وفي هذه الحالة لا تؤثر فيه النجاسة، ولو كانت كل جرية تمر بالنجاسة لا تبلغ حد الكثير (٢).
الحالة الثانية: أن يكون مجموع الماء لا يبلغ حد الكثير، وفي هذه الحالة تؤثر النجاسة فيه (٣).
_________
(١) الإنصاف (١/ ٥٧) والمبدع (١/ ٥٢).
(٢) الإنصاف (١/ ٥٧) والمبدع (١/ ٥٢).
(٣) الإنصاف (١/ ٥٧) والمبدع (١/ ٥٢).
1 / 10
الفرع الثاني: حكم الماء على الاعتبار الثاني:
الماء على هذا الاعتبار له حالتان باعتبار الجرية التي تمر بالنجاسة.
الحالة الأول: أن تكون الجرية التي تمر بالنجاسة تبلغ حد الكثير، وفي هذه الحالة لا تؤثر فيه النجاسة (١).
الحالة الثانية: أن تكون الجرية التي تمر بالنجاسة لا تبلغ حد الكثير، وفي هذه الحالة تؤثر النجاسة فيه، ولو كان مجموعه كثيرًا (٢).
المطلب الثاني: الفرق بين الاعتبارين:
يظهر الفرق بين الاعتبارين فيما إذا بلغ مجموع الماء حد الكثير، وكانت الجرية لا تبلغ حد الكثير.
فعلى الاعتبار الأول لا تؤثر فيه النجاسة (٣).
وعلى الاعتبار الثاني يتأثر بها (٤).
المطلب الثالث: الراجح من الاعتبارين:
الراجح -واللَّه أعلم- هو الاعتبار الثاني، اعتبار الجرية؛ لأن الجرية لا تدفع النجاسة عن نفسها، فتتنجس، فيكون ما تجمع من الجريات التي تمر بالنجاسة نجسًا، كالماء المتجمع من متنجس.
٢ - إذا غُمِس في الماء الجاري إناء متنجس، فمر عليه سبع جريات من غير أن يخرج من الماء، على اعتبار هذا العدد في إزالة النجاسة.
_________
(١) الإنصاف (١/ ٥٨).
(٢) الإنصاف (١/ ٥٨).
(٣) الإنصاف (١/ ٥٨).
(٤) الإنصاف (١/ ٥٧).
1 / 11
وفيه أربعة مطالب:
١ - حكم الماء على الاعتبارين.
٢ - الفرق بين الاعتبارين.
٣ - طهارة الإناء على الاعتبارين. (*)
٤ - الراجح من الاعتبارين.
المطلب الأول: حكم الماء على الاعتبارين:
وقد تقدم ذلك في المثال الأول.
المطلب الثاني: الفرق بين الاعتبارين:
وفيه ثلاثة فروع:
١ - الفرق بين الاعتبارين بالنسبة للماء.
٢ - الفرق بين الاعتبارين بالنسبة لعدد الغسلات.
٣ - الفرق بين الاعتبارين بالنسبة لطهارة الإناء.
الفرع الأول: الفرق بين الاعتبارين بالنسبة للماء، وقد تقدم في المثال الأول.
الفرع الثاني: الفرق بين الاعتبارين بالنسبة لعدد الغسلات
وفيه أمران:
١ - عدد الغسلات على الاعتبار الأول.
٢ - عدد الغسلات بالنسبة للاعتبار الثاني.
الأمر الأول: عدد الغسلات على الاعتبار الأول.
على الاعتبار الأول: يعتبر بقاء الإناء في الماء غسلة واحدة حتى يخرج ويعاد، فكلما أخرج وأعيد اعتبر غسلة (١).
_________
(١) القواعد (١/ ٧) والإنصاف (١/ ٥٨).
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وعند التفصيل أدخل هذا المطلب فرعا في المطلب السابق
1 / 12
الأمر الثاني: عدد الغسلات على الاعتبار الثاني.
على الاعتبار الثاني: تعتبر كل جرية غسلة ولو لم يخرج الإناء من الماء (١).
الفرع الثالث: الفرق بين الاعتبارين في طهارة الإناء
يظهر الفرق بين الاعتبارين في طهارة الإناء فيما إذا مر عليه في الماء سبع جريات من غير أن يخرج منه، على القول باعتبار العدد في إزالة النجاسة.
فعلى الاعتبار الأول، اعتبار الجاري كالراكد، لا يطهر الإناء لعدم وجود العدد المعتبر، إذ يشترط لتمام الغسلة على هذا الاعتبار انفصال الإناء عن الماء وذلك لم يحصل ما دام الإناء لم يخرج من الماء.
وعلى الاعتبار الثاني يطهر ولو لم يخرج من الماء؛ لأن كل جرية تعتبر غسلة، وبذلك يحصل العدد المعتبر.
المطلب الرابع: الراجح من الاعتبارين:
وقد تقدم ذلك في المثال الأول.
٣ - إذا انغمس من عليه حدث أصغر في الماء الجاري، ومر عليه أربع جريات دون أن يخرج.
وفيه أربعة مطالب:
١ - ارتفاع الحدث على الاعتبارين.
٢ - حكم الماء على الاعتبارين.
٣ - الفرق بين الاعتبارين. (*)
٤ - الراجح من الاعتبارين.
المطلب الأول: ارتفاع الحدث على الاعتبارين:
وفيه فرعان:
_________
(١) القواعد (١/ ٧) والإنصاف (١/ ٥٨).
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: لم يناقش هذا المطلب
1 / 13
١ - ارتفاع الحدث على الاعتبار الأول.
٢ - ارتفاع الحدث على الاعتبار الثاني.
الفرع الأول: ارتفاع الحدث على الاعتبار الأول:
إذا اعتبر الماء الجاري كالراكد، وهو الاعتبار الأول، فإن الحدث الأصغر لا يرتفع بالانغماس فيه، ولو مر عليه أربع جريات فأكثر (١)؛ لأن الماء الجاري إذا اعتبر كالراكد لم يحصل بالانغماس فيه مرة واحدة إلا غسل الوجه دون سائر الأعضاء لمراعاة الترتيب.
الفرع الثاني: ارتفاع الحدث على الاعتبار الثاني:
إذا اعتبر لكل جرية من الماء الجاري حكم نفسها فإن الحدث الأصغر يرتفع إذا مر على المنغمس فيه مع النية أربع جريات، ولو لم يخرج بينها (٢)؛ وذلك أنه يحصل بالجرية الأول غسل الوجه، وبالثانية غسل اليدين، وبالثالثة مسح الرأس والأذنين، وبالرابعة غسل الرجلين.
وبذلك يحصل الترتيب المعتبر في الطهارة من الحدث الأصغر.
المطلب الثاني: حكم الماء على الاعتبارين:
وفيه فرعان:
١ - حكم الماء على الاعتبار الأول.
٢ - حكم الماء على الاعتبار الثاني.
الفرع الأول: حكم الماء على الاعتبار الأول:
إذا اعتبر الماء الجاري كالراكد لم يكن الماء مستعملًا بالانغماس فيه على الوجه المذكور؛ لأن الحدث لم يرتفع به على نحو ما تقدم.
_________
(١) القواعد (١/ ٨) والإنصاف (١/ ٥٨).
(٢) القواعد (١/ ٨) والإنصاف (١/ ٥٨).
1 / 14
الفرع الثاني: حكم الماء على الاعتبار الثاني:
إذا اعتبر لكل جرية من الماء الجاري حكم نفسها على الوجه المتقدم كان الماء بالانغماس فيه على الوجه المذكور مستعملًا؛ لأن الحدث قد ارتفع بذلك الانغماس، كما تقدم بيان ذلك، وهل ينسلب الطهورية؟ يختلف ذلك حسب قلة الماء وكثرته.
المطلب الرابع: الراجح من الاعتبارين:
وقد تقدم بيان ذلك في المثال الأول.
* * *
القاعدة الثانية
شعر الحيوان في حكم المنفصل عنه، لا في حكم المتصل، وكذلك الظفر. هذا هو جادة المذهب، ويتفرع على ذلك مسائل.
الشرح:
البحث في هذه القاعدة في ثلاثة مواضع:
١ - بيان الضابط لأجزاء الحيوان التي هي في حكم المنفصل منه.
٢ - حكم هذه الأجزاء طهارة ونجاسة.
٣ - المسائل المتفرعة على هذه القاعدة.
الموضع الأول: ضابط أجزاء الحيوان التي تكون في حكم المنفصل منه:
الضابط لأجزاء الحيوان التي تكون في حكم المنفصل منه، هو كل ما لا تحِلّه الحياة، كالشعر، والصوف، والريش، وزائد الأظفار والقرون، ونحو ذلك.
1 / 15
الموضع الثاني: حكم ما لا تَحِلّه الحياة من الحيوان طهارة ونجاسة:
ما لا تَحِلّه الحياة من الحيوان طهارة ونجاسة حكمه حكم الحيوان الذي انفصل منه؛ وإن كان الحيوان الذي انفصل منه طاهرًا، فتلك الأجزاء طاهرة، وإن كان ذلك الحيوان نجسًا، فتلك الأجزاء نجسة، فشعر بهيمة الأنعام طاهر، وشعر الحمر الأهلية والخنزير نجس.
الموضع الثالث: المسائل المتفرعة على هذه القاعدة:
المسائل المتفرعة على هذه القاعدة كثيرة؛ ومنها ما يأتي:
١ - عدم انتقاض الوضوء بمس شعر المرأة بشهوة (١)؛ لأنه في حكم المنفصل، ومس المنفصل لا ينقض الوضوء، فكذلك المتصل.
٢ - عدم نجاسة الشعر بالموت، إذا كان من حيوان طاهر في الحياة (٢)؛ لأنه في حكم المنفصل منه، فلم يؤثر فيه الموت كالمنفصل منه.
٣ - عدم نجاسة الشعر بالانفصال عن الحيوان إن كان الحيوان طاهرًا في الحياة (٣)؛ لأنه لا تحله الحياة كالمنفصل، فلم يؤثر فيه الفصل.
٤ - عدم وقوع الطلاق المضاف إلى الشعر (٤)، كقول الرجل لامرأته: شعرك طالق؛ لأن الطلاق لا يقع بإضافته إلى المنفصل، فكذلك المتصل.
٥ - عدم وقوع العتق بإضافته إلى الشعر (٥)، كقول السيد لعبده: شعرك حر، لما تقدم في أربعة.
_________
(١) القواعد (١/ ١٠) والإنصاف (١/ ٢١٣).
(٢) القواعد (١/ ١٣) والإنصاف (١/ ٩٣).
(٣) القواعد (١/ ١١) والإنصاف (١/ ٩٣).
(٤) القواعد (١/ ١٣) الشرح الكبير مع الإنصاف (٢٢/ ٣٤٥).
(٥) القواعد (١/ ١٣) والشرح مع الإنصاف (٢٢/ ٤٣).
1 / 16
٦ - عدم ثبوت الظهار المضاف إلى الشعر (١)، كتشبيه الرجل شعر زوجته بمن تحرم عليه لما في أربعة.
* * *
القاعدة الثالثة
من وجبت عليه عبادة، فأتى بما لو اقتصر على ما دونه لأجزأه.
هل يوصف الكل بالوجوب، أو قدر الإجزاء منه؟ .
إن كانت الزيادة متميزة منفصلة فلا إشكال في أنها نفل بانفرادها، كإخراج صاعين منفردين في الفطرة ونحوها.
وأما إن لم تكن متميزة، ففيه وجهان مذكوران في أصول الفقه، وينبني عليها مسائل.
الشرح:
البحث في هذه القاعدة في ثلاثة مواضع:
١ - تحرير القاعدة.
٢ - أمثلة القاعدة.
٣ - وصف الزيادة على الواجب.
الموضع الأول: تحرير القاعدة:
معنى هذه القاعدة: أن الزيادة على الواجب لا توصف بالوجوب (٢)، وقيل: إن كانت متصلة غير متميزة وصفت به، وإلا فلا (٣).
_________
(١) القواعد (١/ ١٣) والشرح مع الإنصاف (١٩/ ٢٣١).
(٢) القواعد (١/ ١٨) والقواعد والفوائد الأصولية/ ١٤٣.
(٣) القواعد (١/ ١٨) والقواعد والفوائد الأصولية/ ١٤٣.
1 / 17
الموضع الثاني: أمثلة القاعدة:
وفيه مبحثان:
١ - أمثلة الزيادة المتميزة.
٢ - أمثلة الزيادة غير المتميزة.
المبحث الأول: أمثلة الزيادة المتميزة:
من أمثلة الزيادة المتميزة ما يأتي:
١ - التسبيحات الزائدة عن التسبيحة الواحدة في الركوع والسجود.
٢ - ما زاد عن الصاع في الفطرة، إذا كان الزائد مستقلًا عن الصاع الواجب.
٣ - إخراج شاتين دفعة واحدة عن أربعين شاة في الزكاة.
٤ - ما زاد عن الغسلة الواحدة في الوضوء.
المبحث الثاني: أمثلة الزيادة غير المتميزة:
من أمثلة الزيادة غير المتميزة ما يأتي:
١ - ذبح بدنة عن الشاة في دم التمتع أو القران أو فدية الأذى وفعل المحظور.
٢ - إخراج بدنة عن خمس من الإبل، بدلًا من الشاة.
٣ - ذبح بدنة عن الشاة المنذورة.
الموضع الثالث: وصف الزيادة عن الواجب:
وفيه مبحثان:
١ - إذا كانت الزيادة متميزة.
٢ - إذا كانت الزيادة غير متميزة.
المبحث الأول: وصف الزيادة المتميزة:
إذا كانت الزيادة متميزة فلا إشكال في أنها نفل (١)؛ لأن الواجب يحصل بما قبل الزيادة، وتبرأ به الذمة، فلا يعود الوجوب، ولا تنشغل الذمة به مرة أخرى.
_________
(١) القواعد (١/ ١٧) والقواعد والفوائد الأصولية/ ١٤٣.
1 / 18
المبحث الثاني: إذا كانت الزيادة غير متميزة
وفيه مطلبان:
١ - الخلاف فيه.
٢ - ما يترتب على الخلاف.
المطلب الأول: الخلاف فيه:
اختلف في وصف الزيادة على الواجب غير المتميزة بالوجوب على قولين.
القول الأول: أن الزيادة نفل (١)؛ لأن الزائد على الواجب غير مطلوب من الشارع على سبيل الوجوب، فلا يكون واجبًا.
ويمكن أن يستدل لهذا القول بأخذ صاحب المال الجبران من عامل الصدقة إذا أخذ سنًا أعلى؛ لأنه لو كان الكل واجبًا لما جاز أخذ الجبران؛ لأن الزائد خرج عن الملك، فلا يجوز أخذ عوضه (٢).
وبإجزاء السبع من البدنة عن الواحد حين الاشتراك فيها، فإنه إذا جاز أن تتبعض البدنة حين الاشتراك بحسب الأفراد، جاز أن تتبعض حين الاشتراك بحسب المراد منها.
القول الثاني: أن الكل واجب؛ لأنه لا يمكن تمييز الواجب عن غيره، فيكون كله واجبًا.
والراجح -واللَّه أعلم- أن الزيادة على الواجب نفل، لأن كون الواجب غير متميز لا يمنع أن يكون الزائد نفلًا، كما لو اشترك في البدنة من يريد الهدي، ومن يريد الأضحية، ومن يريد اللحم (٣).
_________
(١) شرح الشيخ محمد العثيمين على قواعد ابن رجب (١/ ٢٣) والقواعد والفوائد الأصولية/ ١٤٣.
(٢) قواعد ابن رجب (١/ ٢١، ٢٢).
(٣) الشرح الكبير (٩/ ٣٤٢).
1 / 19
المطلب الثاني: ما يترتب على الخلاف:
ما يترتب على الخلاف يختلف بحسب الأمثلة، ومن ذلك ما يأتي:
١ - إذا أخرجت الإبل عن الشياه فيما دون الخمس والعشرين.
فعلى القول بأن الزيادة على الواجب واجب لا يجزئ البعير إلا عن شاة واحدة، فيجب عن العشرين أربعة أبعرة.
وعلى القول بأن الزيادة نفل يجزئ عما دون الخمس والعشرين بعير واحد.
وهذا هو الأقرب؛ لأنه إذا أجزأ البعير عن خمسة وعشرين بعيرًا أجزأ عما دون ذلك من باب أولى.
٢ - إذا ذبح عن الشاة بدنة.
فعلى القول الأول: يكون الواجب سبعها، ويجوز بيع الباقي والتصرف فيه بأي وجه من وجوه التصرف.
وعلى القول الثاني: تجب كلها ويلزم صرفها مصرف الشاة التي ذبحت عنها.
٣ - إذا أدرك المسبوق الإمام في الركوع بعد التسبيح الواجب، وقيل: إنه لا يصح اقتداء المفترض بالمتنفل.
فعلى القول الأول: لا يكون مدركًا للركعة؛ لأنه أدرك الإمام في الجزء الواقع نفلًا.
وعلى القول الثاني: -أن الكل واجب- يكون مدركًا للركعة؛ لأنه لم يقتد بمتنفل.
٤ - إذا حلف لا يزيد على الواجب، فأخرج بدنة عن خمس من الإبل.
فعلى أن الزيادة على الواجب نفل يحنث؛ لأنه زاد على الواجب.
وعلى القول: بأن الزيادة واجبة لا يحنث؛ لأنه لم يزد على الواجب.
* * *
1 / 20
القاعدة الرابعة
العبادات كلها -سواء كانت بدنية، أو مالية، أو مركبة منهما- لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها، ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب، وقبل الوجوب، أو قبل شرط الوجوب. ويتفرع على ذلك مسائل كثيرة.
الشرح:
البحث في هذه القاعدة في ثلاثة مواضع:
١ - تحرير القاعدة.
٢ - أمثلة القاعدة.
٣ - حكم الفعل.
الموضع الأول: تحرير القاعدة:
تضمنت هذه القاعدة قاعدتين.
القاعدة الأولى: فعل العبادة قبل وجود سبب وجوبها لا يصح (١).
القاعدة الثانية: فعل العبادة بعد وجود سبب وجوبها صحيح، ولو كان قبل وجوبها، أو قبل شرط وجوبها (٢).
الموضع الثاني: أمثلة القاعدة:
وفيه مبحثان:
١ - أمثلة تقديم العبادة على سبب وجوبها.
_________
(١) القواعد (١/ ٢٤) والمغني (٤/ ٨٠).
(٢) القواعد (١/ ٢٤) والمغني (٤/ ٨٠).
1 / 21