Explanation of the Book of Tawhid by Ibn Khuzaymah - Muhammad Hassan Abdul Ghaffar
شرح كتاب التوحيد لابن خزيمة - محمد حسن عبد الغفار
Genres
تكليم الله ﷿ للسماوات والأرض والجنة والنار وغيرها من المخلوقات
الله جل وعلا أسمع صوته بعض مخلوقاته، فالله جل وعلا لما خلق السماء وخلق الأرض قال لهما: ﴿اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت:١١] فتكلم مع السماء ومع الأرض، وسمعت السماء وسمعت الأرض صوت الله جل في علاه.
وتكلم الله جل وعلا مع الجنة ومع النار، كما قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ نَقُولُ﴾ [ق:٣٠] من الذي يقول؟ الله جل وعلا، ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ﴾ [ق:٣٠] فسمعت النار كلام الله جل وعلا وصوت الله.
وفي الصحيحين عن النبي ﷺ: (أن الجنة والنار اختصمتا، فقال الله للنار: أنت عذابي -وهي تسمع ذلك- أعذب بك من أشاء، وقال للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء)، فهذه دلالة على أن الجنة والنار سمعتا صوت الرب جل في علاه.
وأيضًا في الحديث عن النبي ﷺ: (إذا أراد الله أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي، أخذت السماوات منه رجفة، أو قال: رعدة شديدة؛ خوفًا من الله، فإذا سمع بذلك أهل السماوات صعقوا).
وأيضًا تكلم الله مع الخلق عامة، تكلم الله معنا، لكننا ننسى ولا ندري، كما ورد في مسند أحمد بسند صحيح أن النبي ﷺ قال: (إن الله لما خلق آدم مسح على ظهره بنعمان -يعني: بعرفات- فأخرج كل ذرية له فأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟) هم يسمعون صوت الله جل وعلا، وكلنا شاهد هذا المشهد وسمع هذا الصوت لكننا لا نتذكر، ونسأل الله جل وعلا أن يذكرنا عندما نسمعه في الجنة، فقال الله تعالى: (ألست بربكم؟ قالوا: بلى) يعني: شهدوا بأن الله هو الرب الجليل الواحد الأحد المستحق للعبادة سبحانه جل في علاه.
وأيضًا يتكلم مع جميع الخلق، المؤمن البار، والفاسق الفاجر، والكافر الفاجر على عرصات يوم القيامة، كما في الحديث عن النبي ﷺ بسند صحيح قال: (إن الله جل وعلا عندما يحشر الخلائق يوم القيامة يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب) من أول خليقة إلى آخر خليقة يناديهم جميعًا بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب.
وأيضًا الله جل وعلا يتكلم مع أهل الجنة خاصة، فيكلمهم كلام الرحمة، كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى أنه قال: (يقول تعالى: لأهل الجنة: يا أهل الجنة! فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير كله في يديك.
فيقول: هل تريدون شيئًا؟ أو قال: هل أرضيتكم؟) إلى آخر الحديث.
الشاهد: أن الله جل وعلا ينادي أهل الجنة: (يا أهل الجنة) فيسمعون كلام الله جل وعلا.
وأيضًا كل جمعة هناك تزاور ويسمى يوم المزيد، وهو اليوم الذي يزورون فيه الله جل وعلا، فالذي يغتسل يوم الجمعة ويسارع إلى صلاة الجمعة وإلى ذكر الله جل وعلا والطاعات هو الذي سيسارع إلى يوم المزيد، فيتسابق مع الخلق إلى المكان القريب من الله جل وعلا، ويرى من كرامته ويسمع من صوته جل في علاه، فيكلم أهل الجنة خاصة كرامة وتشريفًا وتعظيمًا لهم، وهو نعيم ومتاع ليس بعده متاع حين يسمعون صوت الله جل في علاه.
وأيضًا يتكلم الله جل وعلا مع أهل النار خاصة عندما يبكتهم ويقرعهم ويرد عليهم تخاصمهم، قال الله تعالى: ﴿لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ﴾ [ق:٢٨] هذا كلام خاص لأهل النار تبكيتًا وتقريعًا، نعوذ بالله أن نكون منهم.
وأيضًا الله جل وعلا يقول: ﴿قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون:١٠٨]، لكن هذا الصوت لا يتمتعون به، بل يرهبون ويصعقون لعظمة الله وجلال الله وقدرة الله، ويظهر عليهم في عرصات يوم القيامة جبروت الله.
19 / 3