135

Sharḥ Kitāb al-Īmān li-Abī ʿUbayd – al-Rājḥī

شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد - الراجحي

Genres

نصوص من القرآن فيها بيان المؤمنين الكمل
قال المؤلف ﵀: [واشترطه عليهم في مواضع من كتابه فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة:١١١] إلى قوله: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة:١١٢]].
هذه الآيات فيها بيان أوصاف المؤمنين الكمل، فالذي لا يحفظ حدود الله يكون ناقص الإيمان، ضعيف الإيمان، والعصاة يكون إيمانهم ضعيفًا إذا ما أتوا بهذه الصفات.
قال: [وقال: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون:١ - ٢] إلى قوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون:٩ - ١١]].
صفه المؤمنين الكمل يعني: الذين كمل إيمانهم بهذه الصفات، أما الذي لا يحفظ فرجه أو يخون في الأمانة فإنه يكون ضعيف الإيمان، فهذه أوصاف المؤمنين الكمل.
قال: [وقال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [الأنفال:٢ - ٤]].
هذه أيضًا أوصاف المؤمنين الكمل، (إنما المؤمنون) يعني: كمل الإيمان هذه أوصافهم ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنفال:٢]، توجل القلوب عند ذكر الله ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ [الأنفال:٢]، زيادة الإيمان عند ذكر الله ﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الأنفال:٢]، أي: يتوكلون على الله ويقيمون الصلاة وينفقون مما رزقهم الله ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ [الأنفال:٤]، أما من لم يتصف بهذه الصفات فليس بمؤمن حقًا، بل هو ضعيف الإيمان، ولهذا وعدهم الله بالثواب العظيم قال: ﴿لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [الأنفال:٤]، لكن هذا الوعد ليس لضعيف الإيمان، بل ضعيف الإيمان متوعد بالنار كالزاني والسارق وشارب الخمر، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾ [النساء:١٠]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة:٢٧٨ - ٢٧٩].
فالمرابي وآكل مال اليتيم هذا موعود بالنار، وهذا موعود بالحرب، والمؤمن كامل الإيمان موعود بالجنة، ففرق بينهما، هذا كامل الإيمان موعود بالجنة، وهذا ضعيف الإيمان موعود بالنار، لكن العاصي إذا دخل النار لا يخلد بل يعذب على قدر معاصيه ثم يخرجه الله برحمته أو بشفاعة الشافعين على حسب جرائمه مادام مات على التوحيد والإيمان، أما من مات على الشرك والكفر فهذا لا حيلة فيه فهو مخلد.

11 / 3