81

Explanation of Sahih al-Bukhari by Al-Huwaini

شرح صحيح البخاري للحويني

Genres

علو الإسناد وأهميته عند علماء الحديث فأشرف أنواع العلو أن تصل إلى النبي ﷺ بإسنادٍ نظيف، يقل فيه عدد الوسائط بينك وبينه ﷺ، لأنه ﷺ مثل المصباح، كلما اقتربت إلى المصباح ازداد الضوء، وكلما ابتعدت عنه قل هذا الضوء، وإن ابتعدت كثيرًا أوغلت في الظلمة، لهذا كان العلماء يتهافتون على العلو. الإمام البخاري أرفع الأسانيد من جهة العلو عنده: بينه وبين النبي ﷺ ثلاثة، حتى يصل إلى خمسة، فيكون بينه وبين النبي ﷺ خمسة، فأنت مثلًا لو قُدِّر أن يكون لك سند إلى البخاري، فتعد الوسائط التي بينك وبين البخاري، ثم بعد البخاري وشيوخه إلى النبي ﷺ، وتنظر كم بينك وبين النبي ﵊. السندي كان يقول: لمثلي فليسعَ! بيني وبين البخاري تسعة، وهذا كان أعلى سند موجود في الدنيا، والبخاري كذلك بينه وبين النبي ﷺ ثلاثة رواة، فيكون بـ البخاري أربعة، فالأربعة مع التسعة يصبحون ثلاثة عشر راويًا فقط، إذًا: السندي متأخر، لما يكون بينه وبين النبي ﷺ ثلاثة عشر راويًا فقط فهذا أعلى إسناد، في سنن النسائي، والنسائي كما تعرفون من طبقة البخاري، يعني: أدرك أغلب مشايخ البخاري وتسعون بالمائة من مشايخ البخاري أدركهم الإمام النسائي وروى عنهم، بين النسائي في هذا الحديث وبين النبي ﷺ ثمانية، فأنزل سند موجود في سنن النسائي: بين النسائي وبين النبي ﷺ ثمانية. فالقصد أن الإمام مسلم لرغبته في العلو يقول: رب حديثٍ يكون الراوي المُتَكَلَّم فيه -لو أنني أخذت الإسناد من طريقه إلى النبي ﷺ بيني وبين النبي ﷺ خمسة، أو أربعة، فإذا أردتُ أن آخذه من طريق غيره من الثقات نزلتُ درجة أو درجتين. فيكون بينه وبين النبي ﷺ إما ستة أو سبعة، أو أكثر. فيقول: لا. أنا علمتُ أن هذا الراوي المُتَكَلَّم فيه لم يغلط في هذا الحديث بدلالة المتابعات من الثقات، والحديث معروفٌ لدى أهل العلم جميعًا أنه صحيح، وأن الثقات رووه، وأنا ثبت لديَّ أن هذا الراوي وإن تُكُلِّمَ فيه لكنه لم يغلط في هذا الحديث، فرغبةً مني في أن أعلو بسندي، اخترت هذا الطريق، وتركتُ الطريق الآخر لنزوله، واكتفاءً بشهرته عند أهل العلم. فالإمام مسلم قال: إن هذا هو عذري في التخريج لمن أخرجت عنه وهو مُتَكَلَّمٌ فيه.

6 / 14