Explanation of Sahih al-Bukhari by Al-Huwaini
شرح صحيح البخاري للحويني
Genres
تأثر الآباء بالهزائم التي منيت بها الأمة
آباؤنا جيل شهد كل الهزائم التي منيت بها أمتنا المعاصرة، فهؤلاء الآباء الذين شهدوا هذه الهزائم المتوالية حتى فقدوا الثقة في ذواتهم، فصاروا أقزامًا، مهما حاولت أن ترفعه فإنه قزم من الداخل، لا يصدق أن له قيمة، وهذا أقوله على سبيل الإجمال، فلا أقضي على الجيل كله، لكن أقول هذا وأذكره إجمالًا.
فهؤلاء الآباء الذين ورثوا هذه الهزائم -مع قلة العلم- حاولوا أن يورثوا هذا الضعف إلى أبنائهم، فكلما أراد الولد أن يتحرك ليسمع درسًا مثلًا -مثل هذا الدرس- وعنده همة عالية، ويريد أن يخدم هذه الأمة، ويريد أن يقوم بالأمانة ولا يلقى الله خائنًا لهذه الأمة، يريد أن يفعل شيئًا، فإذا به أمام صخرة عظيمة وهي أبوه، الذي يقول له: وهل أنت ستصلح الكل؟ أو يقول له: نريد أن نأكل العيش، أو يقول: (الحيطان لها آذان)، هذه العبارات المتكررة التي يحاول الأب أن يغرسها في ابنه، وإذا التزم الولد بهذه النصائح فإنه يعتبر ولدًا بارًا وفاهمًا وذكيًا، وإذا خرج هذا الولد وتجاوب مع كلام العلماء وحضر الدروس، وكانت عنده همة عالية ونصر دينه، حدثت المشاكل، وبسبب هذا الأمر حدثت مشاكل كثيرة في البيوت بين الآباء والأبناء.
فأمثال ذلك الجيل الذي ظهر فيه الأدباء الذين استهزئوا بالله ورسوله، وظهر فيهم الصحفيون الذين استهزئوا بالله ورسوله، عن طريق القصص التي تكتب، والتي تدعو إلى الدعارة، وتدعو إلى الانحلال، مثل قصص إحسان عبد القدوس، وقصص وليد منصور، وقصص توفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، وكل هؤلاء الذين شكلوا عقلية هذا الجيل، هؤلاء الأدباء هم الذين شكلوا عقلية هذا الجيل.
وأحيل القراء إلى كتاب يؤرخ تاريخًا صادقًا لهذه الحقبة، وهو من أمتع الكتب التي سوف تقرؤها، وهو كتاب: (أباطيل وأسمار) للشيخ أبي فهر محمود شاكر ﵀، هذا الرجل من أفضل المقاتلين عن الدين، الذين قاتلوا وغزوا وانتصروا، وكتاب آخر اسمه: (الطريق إلى ثقافتنا) أيضًا للشيخ محمود شاكر؛ لتعلم هذا البلاء الذي عاشت فيه الأمة ما مبدؤه، فقد أرخ تاريخًا صادقًا بقلمه الرشيق، والشيخ محمود شاكر هو من أفضل من كتب في هذا المجال، وكأن كلماته حبات لؤلؤ منظومات! أحيانًا كنت أقرأ له عبارة فأنفجر ضاحكًا؛ من شدة سخريته بهؤلاء المنحرفين، فأنا أحيل القراء، وألح عليهم أن يقرءوا هذا الكتاب؛ لما قرر حقيقة هؤلاء الأدباء، ووصف ذلك الجيل وصفًا دقيقًاَ، ينبغي على الذي تهمه هذه الأمة وينظر في عللها أن ينظر في هذا المرض الضارب بجذوره من أيام محمد علي، الذي يسمونه: باني مصر الحديثة، وستعلم إذا قرأت كتاب: (الطريق إلى ثقافتنا) مدى جناية هذا الرجل على مصر؛ عندما حاول أن يستقل بمصر عن الخلافة العثمانية.
4 / 11