Sharḥ Ṣaḥīḥ al-Bukhārī liʾl-Ḥuwaynī
شرح صحيح البخاري للحويني
Genres
توجيه النبي ﷺ لابنته إلى ما ينفعها
النبي ﵊ لما جاءته فاطمة ﵂، وكانت فاطمة ﵂ تدق النوى، أما نساؤنا في هذه الأيام فتقول: اشتروا غسالة آلية.
وكذا، ولا ينقصهن إلا أن نأتي لهن بتمثال آلي يقطِّع (الكوسة) ويطبخ لهن وغير ذلك، ويأتي الواحد من خارج المنزل ومع ذلك يجد الأكل غير جاهز ماذا تعمل طوال النهار وعندها كل شيء؟! ومع ذلك تشتكي، وتقول: أنا متعبة، وأعمل طوال النهار! فهذه فاطمة ﵂ والتي هي ريحانة رسول الله ﷺ، والمرأة الوفية المجدة المطيعة، كانت تدق النوى لفرس علي، وفم الفرس يستغرق ثلاثة كيلو في اللقمة الواحدة، فكم ستدق لكي يأكل الفرس؟ ستدق عشرة إلى خمسة عشر كيلو، وهذا يحتاج إلى جهد، حتى إن يديها تشققت من كثرة دق النوى، واستعمال الرحا، فلما جاء عبيد من البحرين، قال لها علي بن أبي طالب: لقد وصل أعْبُد من البحرين، فذهبي إلى أبيك، وقولي له: نريد خادمًا.
وقد كان النبي ﷺ يحبها جدًا جدًا، ولذلك قال: (إن فاطمة بضعة مني، يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها)، فلما ذهبت إلى النبي ﷺ وطلبت منه خادمًا ثم أوصاها هي وعلي فقال لهما: (ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وكبرا أربعًا وثلاثين) .
فالمؤمن عندما يأوي إلى فراشه بعد تعب النهار ويقول هذه الأذكار، فإن الله ﷿ يذهب التعب عن بدنه ويقوم وهو نشيط، والإنسان عندما يعمل بنفسه أفضل من أن يأمر غيره وإن كان مطيعًا؛ لأن الحاجة إلى الناس ذل، فمهما كان من تأمره مطيعًا، فإن هذا لونٌ من ألوان الذل، فأنت عندما تباشر حاجتك بنفسك وأنت مستغن عن الناس أفضل، وهو خيرٌ لك من خادم.
9 / 9