187

Explanation of Lāmiyya by Ibn Taymiyyah

شرح لامية ابن تيمية

Genres

صفة الكلام من الصفات الذاتية الفعلية يقول العلماء رحمهم الله تعالى: إن صفة الكلام من الصفات الذاتية الفعلية، فصفة ذاتية بمعنى أنها لم تحدث للرب ﷾، بل هي متعلقة بالذات، كما أن ذاته أولية لا بداية لها، فصفة الكلام أولية لا بداية لها، ولهذا قال الطحاوي: (قديم بلا ابتدأ) أي: ليس له بداية (دائم بلا انتهاء) أي: ليس له نهاية، بخلاف المخلوق فإن له بداية وله نهاية، بالأمس لم نكن شيئًا مذكورًا ثم وجدنا، وبعدها لنا نهاية ويتوفى الإنسان، ثم يحيا مرة أخرى إما إلى جنة أو نار. وكون الكلام صفة فعلية، بمعنى: أنها تتعلق بإرادة الله تعالى ومشيئته متى شاء، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس:٨٢] فالله يتكلم متى شاء كيف شاء بما شاء ﷾، ويقولون: إن صفة الكلام قائمة بذاته، لئلا تكون شيئًا خارجًا عن ذاته كما يقول بعض المبتدعة، وهذا لا شك أنه كلام باطل. وبناءً عليه نقول: إن أهل السنة والجماعة يقولون: إن هذا القرآن الذي نقرؤه بألسنتنا، ونحفظه في صدورنا، ونكتبه بألواحنا، وكذلك نعلم أنه كلام الله تعالى لفظه ومعناه، الواجب علينا ألا نبحث عن كيفيته، نعرف مدلول الكلام؛ لكن كيف يتكلم الرب وغيره الله أعلم بها، نقول كما قال الإمام مالك: (الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة) وهذا مما يجب. سبحان الله! جاءت صفة الكلام صفة كمال، وفي الضد في النقص انتقد العجل الذي اتخذه قوم موسى، ومما نقد به: أنه لا يتكلم ولا يرجع لهم قولًا، كما في قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ﴾ [الأعراف:١٤٨] دل على أن من لم يتكلم فهو ناقص، والله هو المتكلم وله الكمال ﷾. ومن قبح المعتزلة أن بعضهم قال لـ أبي عمرو بن العلاء وهو أحد القراء السبعة: أريدك أن تقرأ: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء:١٦٤] جاءت في القرآن (الله) فاعل قال: (وكلم اللهَ موسى) بنصب لفظ الجلالة، ليكون موسى هو المتكلم، أي: أن موسى هو الذي كلم الله!! فقال له أبو عمرو ﵀: هب أني قرأتها مثلما قلت، فماذا نعمل بقول الله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ [الأعراف:١٤٣] أي: هب أني غيرت هذه فكيف أغير الأخرى؟!! فبهت المعتزلي ولم يستطع أن يتكلم بجواب، وهذا يعتبر من التحريف اللفظي الذي انطلق إليه المبتدعة. كان يوجد في أستار الكعبة قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه:٥] فكان بعض كبار المعتزلة يقول: إني لأتمنى أن أحك هذه من المصحف!! حتى لا يتعلم الإنسان صفة الاستواء على العرش، ويسمى هذا من التحريف اللفظي، لأن التحريف الأصل فيه التغيير. وينقسم التحريف إلى قسمين: ١- تحريف لفظي. ٢- تحريف معنوي. وهذا التحريف تحريف لفظي.

11 / 23