Sharḥ al-ʿAqīda al-Ṭaḥāwiyya - ʿAbd al-ʿAzīz al-Rājḥī
شرح العقيدة الطحاوية - عبد العزيز الراجحي
Genres
إذن هو رواية ابن عباس ورواية عن الإمام أحمد، واختاره النووي والأشعري أبو الحسن الأشعري وأبو إسماعيل الهروي ومحمد بن إسحاق وابن خزيمة في كتاب التوحيد، دليل واستدلوا بقول الله -تعالى-: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١)﴾
روي عن ابن عباس ﵁ هي رؤية عين أُريها النبي ﷺ ليلة أسري به، وفي رواية هي رؤيا عين رؤية النبي ﷺ ربه بعينه، ذكر ذلك الإمام محمد بن إسحاق وابن خزيمة في كتاب التوحيد، قالوا: فهذا الدليل على أن النبي ﷺ رأى ربه بعينه، هذه الآية: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا﴾ قال ابن عباس: هي رؤيا عين أريها النبي ﷺ ليلة أسرى به، وفي رواية رؤيا عين رؤية النبي ﷺ ربه بعينه.
القول الثاني: أن النبي ﷺ لم يرى ربه بعين رأسه ليلة المعراج وإنما رآه بعين قلبه، وهذا مروي عن عائشة ﵂ فإنها قالت لمسروق لما سألها: هل رأى محمد ﷺ ربَّه؟ قالت: لقد قفَّ شَعْري مما قلت، ثم قالت: من حدثك أن محمد رأى ربه فقد كذب.
وفى رواية أنها قالت: من قال: إن محمد رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، وهذا مروي أيضًا عن ابن مسعود، وعن أبي هريرة واختلف فيه جماعة من الصحابة والتابعين، وهو قول كثير من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين، بل هو قول جمهور العلماء، وهو الصواب كما سيأتي.
واستدلوا على أن النبي ﷺ لم ير ربه بعين رأسه بأدلة:
الدليل الأول: فقول الله -تعالى-: ﴿* وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١)﴾ فهذه الآية فيها بيان أنواع الوحي، وأن الله -تعالى- إذا كلم الرسول فإما أن يكون وحيا، أو من وراء حجاب، أو يرسل رسولًا، وإما أن يكون وحيًا يلقى في روعه، أو يكون من وراء جاب كما كلم الله موسى من وراء حجاب، وكما كلم محمدًا ﷺ من وراء حجاب ﴿أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ﴾ فقول الله -تعالى-: ﴿* وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ﴾ يدخل في ذلك محمد ﷺ فهو بشر ﴿* وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ فمحمد بشر كلمه الله من وراء حجاب، هو محجوب عن رؤية الله، كلمه الله بدون واسطة سمع كلام الله، وفرض الله عليه الصلوات خمسين صلاة في اليوم والليلة، ثم خففت ثم خففها الله إلى خمس صلوات، كلمة الله بدون واسطة لكن من وراء حجاب لم يره.
نص الآية: ﴿* وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا﴾ فالله كلم محمد ﷺ ليلة المعراج من وراء حجاب، لم يكشف الحجاب حتى يراه، وإنما كلمه من وراء حجاب نص الآية.
الدليل الثاني: ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر ﵁ أنه سأل النبي ﷺ فقال: (هل رأيت ربك؟ فقال ﵊: نور أنَّى أراه؟) في اسم استفهام بمعنى كيف ". والمعنى نور كيف أراه؟ المعنى أن الحجاب أن النور حجاب يمنعني من رؤية الله نور أنَّى أراه والنور حجاب بينى وبينه يمنعني من رؤيته فكيف أراه؟ هل رأيت ربك؟، قال: أنَّى أراه؟. وفي رواية: وفي لفظ: رأيت نورًا، وهو الحجاب.
الدليل الثالث: ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعرى ﵁ أن النبي ﷺ قال: (إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور) وفي رواية: " النار " والمعنى واحد النار بمعنى النور، حجابه النور، وفي رواية النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.
وجه الدلالة من قوله ﷺ حجابه النور يعني الله ﷾ احتجب بالنور لو كشفه يعني الحجاب لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، هذا صريح في أن الله لو كشف الحجاب لأحرق من جميع خلقه، ومحمد ﷺ من خلقه.
حجابه النور وفي رواية النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، والنبي ﷺ من خلق الله، فلو كشف الحجاب لأحرقت سبحات وجه الرب ما انتهى إليه بصره من خلقه.
1 / 126