الجمع بين الآية والحديث دليلًا لما قرره أهل العلم من أنَّه يصح التعبير عن المثنى بالمفرد.
" خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته " أي خصك بهذه الأمور وميزك وشرفك بها.
" خيبتنا وأخرجتنا من الجنة " هذا فيه لوم من موسى لآدم ﵉: يلومه على الإخراج من الجنة - وهو مصيبة - لا على الذنب، فقال: " خيبتنا وأخرجتنا " ولم يقل: خيبتنا وأذنبت وعصيت، لأن آدم وقع في الذنب وتاب منه، وأخبرنا الله ﷿ أنه قبل توبته، قال تعالى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ﴾ ١ ولا يلام أحد على ذنب تاب منه ولو كان شركًا. قال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ ٢ أي لمن تاب. والشرك داخل في قوله سبحانه: ﴿الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾، أما قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ ٣ فهذا في حق من مات على ذلك.
" أنت موسى، كلمك الله تكليمًا، وخط لك التوراة بيده، واصطفاك برسالته " أي ميزك الله بهذه الأمور.
" فبكم وجدت في كتاب الله: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ " أي: هذا الذي ترتب على هذه المعصية متى كُتِب عليَّ ومتى قُدِّر.
" قال: بأربعين سنة " أي أنه كتب عليك قبل خلقك بأربعين سنة. وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ في صحيح مسلم ٤ أنَّ
١ الآية ٣٧ من سورة البقرة.
٢ الآية ٥٣ من سورة الزمر.
٣ الآية ١١٦ من سورة النساء.
٤ الصحيح " رقم ٦٦٩٠ "