" اسكت عن هذا، مالك ولهذا، أمضِ الحديث على ما رُوي " يعني أمِرَّه كما جاء، الحديث جاء مثبتًا لنزول الرب ﵎، والنزول فيه أسند إليه ﵎، فأمضه كما ورد.
" بلا كيف ولا حد " وهذا على طريقة أهل السنة في الصفات: يثبتونها إثبات وجود لا إثبات تكييف وتحديد، فالنزول لا يحد بوصف معين أو بهيئة معينة، وإنما هو نزول يليق بالله ﵎ لا نعرف كيفيته.
ولم ينقل عن أحد من السلف ﵏ أنه تأول النزول أو غيره من الصفات، وقد تحدى شيخ الإسلام ابن تيمية بعض المتكلمين في زمانه، وأمهلهم ثلاث سنوات أن يأتوا عن واحد من السلف أنَّه تأول شيئًا من صفات الله ﵎، فلم يقدروا على ذلك ١.
وهنا أنبه على أنَّه نقل عن الإمام مالك بن أنس ﵀ أنَّه قال:"ينزل ربنا: أي أمره" ٢، وهذه الرواية لا تثبت عن الإمام مالك؛ لأنها جاءت عنه من طريقين: الطريق الأولى من طريق كاتبه حبيب بن أبي حبيب، يقول ابن القيم:"وحبيب هذا غير حبيب، بل كذاب وضاع باتفاق أهل الجرح والتعديل، ولم يعتمد أحد من العلماء على نقله"٣. والطريق الأخرى جاءت من طريق رجل لا يعرف، فالسند إلى الإمام مالك ﵀ لا يثبت.
إضافة إلى أنَّ هذا مخالف لما رواه زهير بن عباد قال:"من أدركت من
١ انظر: مجموع الفتاوى " ٣/١٦٩ "
٢ انظر: التمهيد لابن عبد البر " ٧/١٤٣ "
٣ مختصر الصواعق " ٢/٢٦١ "، وانظر: شرح حديث النزول " ص٢١٠ "