155

Sharḥ al-ʿAqīda al-Wāsiṭiyya min kalām Shaykh al-Islām Ibn Taymiyya

شرح العقيدة الواسطية من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية

Publisher

دار ابن الجوزي،الدمام

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢١هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

أفعال العباد"١. وهذا "ما دل عليه الكتاب، والسنة، وكان عليه السابقون الأولون من المهاجرين، والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان"٢. "وهذا أمر متفق عليه بين الرسل-صلى الله عليهم وسلم-، وعليه اتفقت الكتب الإلهية، والفطر، والعقول، والاعتبار"٣، بل أدلة هذا من القرآن، والسنة لا تكاد تحصر٤.
ومما يجب التنبه له في هذا المقام أنه لا يلزم من اعتقاد أن كل ما شاء الله وجوده، وكونه فقد أمر به، ورضيه، فإن أهل السنة والجماعة "يقولون بما اتفق عليه السلف من أنه – سبحانه – ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، ويثبتون الفرق بين مشيئته، وبين محبته، ورضاه. فيقولون:
إن الكفر، والفسوق، والعصيان، وإن وقع بمشيئته، فهو لا يحبه، ولا يرضاه، بل يسخطه، ويبغضه. ويقولون: إرادة الله في كتابه نوعان: نوع بمعنى المشيئة لما خلق، ونوع بمعنى محبته، ورضاه لما أمر به، وإن لم يخلقه"٥. وقد تقدم بيان هاتين الإرادتين، وأدلتهما في إثبات صفة الإرادة لله – تعالى-. وحكم الله – ﷾ – "يجري على وفق هاتين الإرادتين، فمن نظر إلى الأعمال بهاتين العينين كان بصيرًا، ومن نظر إلى القدر دون الشرع، أو الشرع دون القدر كان أعور"٦.
فتبين بهذا "أنه يحب ما لا يريد، ويريد ما لا يحبه، وذلك أن المراد قد يراد لغيره، فيريد الأشياء المكروهة؛ لما في عاقبتها من الأشياء المحبوبة، ويكره فعل بعض ما يحبه؛ لأنه يفضي إلى ما يبغضه. والله – تعالى – له الحكمة فيما يخلقه، وهو – سبحانه – يحب المتقين،

١ مجموع الفتاوى (٨/٤٤٩)، وانظر: (٨/٦٣، ٢٣٦) .
٢ المصدر السابق.
٣ شفاء العليل لابن القيم (ص: ٤٩) .
٤ انظر: المصدر السابق (ص: ٦٥)، منهاج السنة النبوية (٣ /٢٦٢) .
٥ مجموع الفتاوى (٨/٤٧٦) .
٦ المصدر السابق (٨/١٩٨) .

1 / 160