Sharḥ al-ʿAqīda al-Wāsiṭiyya liʾl-Harrās
شرح العقيدة الواسطية للهراس
Publisher
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤١٥ هـ
Publisher Location
الخبر
Genres
بِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ، وَبِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ رَسُولُهُ ﷺ إِيمَانًا سَالِمًا مِنَ التَّحْرِيفِ وَالتَّعْطِيلِ، وَمِنَ التَّكْيِيفِ وَالتَّمْثِيلِ، وَيَجْعَلُونَ الْكَلَامَ فِي ذَاتِ الْبَارِي وَصِفَاتِهِ بَابًا وَاحِدًا؛ فَإِنَّ الكَلَامَ فِي الصِّفَاتِ فرعُ الْكَلَامِ فِي الذَّاتِ، يُحْتَذَى فِيهِ حَذْوُه، فَإِذَا كَانَ إِثْبَاتُ الذَّاتِ إثباتَ وجودٍ لَا إِثْبَاتَ تَكْيِيفٍ؛ فَكَذَلِكَ إِثْبَاتُ الصِّفَاتِ.
وَقَدْ يعبِّرون عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: «تُمَرُّ كَما جَاءَتْ بِلَا تَأْوِيلٍ»، ومَن لَمْ يَفْهَمْ كَلَامَهُمْ؛ ظنَّ أَنَّ غَرَضَهُمْ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ هُوَ قِرَاءَةُ اللَّفْظِ دُونَ التعرُّض لِلْمَعْنَى، وَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْوِيلِ الْمَنْفِيِّ هُنَا هُوَ حَقِيقَةُ الْمَعْنَى وَكُنْهُهُ وَكَيْفِيَّتُهُ (١) .
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ﵀:
«لَا يوصَفُ اللَّهُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، أَوْ وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ، وَلَا يُتَجَاوَزُ الْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ» (٢) .
وَقَالَ نُعيم بْنُ حمَّاد (شَيْخُ الْبُخَارِيِّ):
«مَن شبَّه اللهَ بِخَلْقِهِ؛ كَفَرَ، ومَن جَحَدَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ؛ كَفَرَ،
(١) ومما يؤيِّد ذلك أنهم كانوا يقولون أحيانًا: «تُمَرُّ كما جاءت؛ بلا كيف»، وما كانوا يقولون: «تُمَرُّ كما جاءت بلا معنى»، فعُلِمَ من ذلك أنهم يُثْبِتُون المعنى، وينفون الكيف.
والشارح يعني بقوله: «حقيقة المعنى»؛ أي: الكيفية؛ يفرق بين المعنى وحقيقة المعنى، فيثبتون المعنى وينفون حقيقته، وهي الكيفية.
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (٥/٢٦) .
1 / 71