Sharḥ al-ʿAqīda al-Ṭaḥāwiyya - Khālid al-Muṣliḥ
شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح
Genres
الصفات الفعلية ثابتة للرب ﷻ
قال ﵀: [والله يغضب ويرضى لا كأحد من الورى] .
هذا فيه إثبات صفات الفعل للرب جل وعلا، وصفات الفعل ثابتة لله ﷾ بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، قال الله جل وعلا في وصف نفسه: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ [هود:١٠٧]، وأما إثبات الفعل فالأدلة عليه كثيرة، فهو يغفر لمن يشاء، ويحب من يشاء، ويغضب جل وعلا، ويعفو، فالأفعال التي أضافها الله ﷾ إليه كثيرة في كتابه، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة:٤]، وقال تعالى: ﴿يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة:١٩٥]، فالآيات التي فيها إثبات صفات الفعل أكثر من أن تحصى، وهذا الذي فيه التصريح بالفعل.
أما ما دل على الفعل فهو كثير جدًا، وكذلك في السنة، فالله جل وعلا موصوف بصفات الفعل، وبعض صفات الفعل هي الصفات التي تتعلق بالمشيئة، فمتى شاء فعل ومتى شاء لم يفعل، ومن ذلك الغضب والرضا، فالغضب صفة كمال لله ﷿ لا نقص فيها، بل هي من كماله ﷾، فإن من الكمال أن يغضب القادر على من يستحق الغضب، وقد دل عليها قول الله تعالى: ﴿وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ﴾ [النساء:٩٣] في حق من قتل مؤمنًا متعمدًا، ومن أدلة إثبات الغضب قول الله تعالى: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ [الزخرف:٥٥]، وأما الرضا فالآيات فيه كثيرة، منها قوله جل وعلا: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [البينة:٨] في حق السابقين الأولين والذين اتبعوهم بإحسان، وقال ﷾: ﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [التوبة:٧٢]، وقوله تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفتح:١٨]، والله يغضب ويرضى، والغضب والرضا أنكرهما المئولة المنحرفون عن طريق أهل السنة والجماعة بجميع أصنافهم من أهل الكلام، فأنكرها المعتزلة، وأنكرها الأشاعرة، فأولوا الغضب والرضا إما بإرادة الثواب والعقاب وإما بالثواب والعقاب نفسه، فمثبتة الصفات من أشاعرة ونحوهم قالوا: الغضب والرضا هو إرادة الإثابة وإرادة العقوبة.
وأما المعتزلة فأولوا الغضب والرضا بالثواب والعقاب نفسه؛ لأنهم لا يثبتون صفة الإرادة للرب جل وعلا.
20 / 5