116

Sharḥ al-ʿAqīda al-Ṭaḥāwiyya - Khālid al-Muṣliḥ

شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح

Genres

الأعمال بالخواتيم والسعادة والشقاوة بقدر الله ﷿
وقال ﵀: (والأعمال بالخواتيم) أي: الأعمال من حيث الثواب والعقاب، ومن حيث الفوز والنجاة، بما يحصل به الختم والنهاية (والأعمال بالخواتيم) أي: بما يختم للإنسان بها، وبما تنتهي عليه.
وقد جاء الحديث في ذلك عن النبي ﷺ، ففي حديث سهل بن سعد في الصحيحين أنه قال ﷺ: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يرى الناس، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يرى الناس، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة، وإنما الأعمال بالخواتيم) .
فدل ذلك على أن العمل بالخاتمة وما يختم للإنسان به، فالعبرة بالخواتيم والنهايات لا بالبدايات، فقد يكون الإنسان في بدايته كافرًا معاندًا لرب العالمين، ثم يختم له بالخير.
يقول ﵀: (والسعيد من سعد بقضاء الله، والشقي من شقي بقضاء الله) أي: أن السعادة والشقاء بقدر، فكل لا يخرج عن تقدير الله جل وعلا، فطاعة الطائع بقدر الله جل وعلا، ومعصية العاصي بقدر الله ﷾، فإنه ﷾ لا يكون في ملكه إلا ما يشاء.
فالسعيد إنما يسعد بما سبق من قضاء الله، والشقي إنما يشقى بما سبق من قضاء الله ﷿، فقضاء الله وقدره محيط بالعباد أهل السعادة وأهل الشقاء على حد سواء لا فرق بين هذا وهذا.
ثم بعد هذا قال ﵀ في جواب إشكال قد يلقيه الشيطان في قلب الإنسان، فيقول: إذا كان الأمر كذلك ففيم العمل؟ فالجواب ما أجاب به النبي ﷺ: (اعملوا فكل ميسر لما خلق) .
والجواب أيضًا فيما قاله المؤلف ﵀: [وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب، ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظرًا وفكرًا ووسوسة، فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه كما قال تعالى في كتابه: ﴿لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء:٢٣] فمن سأل: لم فعل فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين.
فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى، وهي درجة الراسخين في العلم] .

10 / 8