132

Explanation of Al-Aqeedah At-Tahawiyyah - Ibn Jibrin

شرح العقيدة الطحاوية - ابن جبرين

Genres

حقيقة الموت ومآله يوم القيامة قال المؤلف ﵀: [قوله: (مميت بلا مخافة باعث بلا مشقة) الموت صفة وجودية خلافًا للفلاسفة ومن وافقهم، قال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك:٢]، والعدم لا يوصف بكونه مخلوقًا، وفي الحديث: (إنه يؤتى بالموت يوم القيامة على صورة كبش أملح فيذبح بين الجنة والنار)، وهو وإن كان عرضًا، فالله تعالى يقلبه عينًا، كما ورد في العمل الصالح: (أنه يأتي صاحبه في صورة الشاب الحسن، والعمل القبيح على أقبح صورة)، وورد في القرآن: (أنه يأتي على صورة الشاب الشاحب اللون) الحديث، أي: قراءة القارئ، وورد في الأعمال: أنها توضع في الميزان، والأعيان هي التي تقبل الوزن دون الأعراض، وورد في سورة البقرة وآل عمران: (أنهما يوم القيامة يظلان صاحبهما كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف)، وفي الصحيح: (أن أعمال العباد تصعد الى السماء)، وسيأتي الكلام على البعث والنشور إن شاء الله تعالى] . يتكلم الشارح هنا على أن الموت مخلوق، ردًا على الفلاسفة الذين يقولون: الموت أمر عدمي ليس له جرم، ويقولون: ليس هناك شيء مخلوق اسمه الموت، وكذبوا قول الله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ﴾ [الملك:٢] قوله: (خلق الموت) فيه دليل على أن هناك شيئًا اسمه الموت، وأنه شيء محسوس، وقد أخبر النبي ﵊ بما يدل على أن هذا الموت شيء محسوس، وهو قوله عن يوم القيامة: (إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، جيء بالموت كأنه كبش فوقف بين الجنة والنار فيقال: يا أهل الجنة هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم، هذا الموت، ويقال لأهل النار: يا أهل النار هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم، هذا الموت، فيذبح بين الجنة والنار فيقال: يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت) . فيزداد أهل الجنة فرحًا، ويزداد أهل النار حزنًا؛ وذلك لأن أهل الجنة أيقنوا بأنهم سيلقون حياة مستقرة ليس بعدها موت، وأن أهل النار كانوا يؤملون الموت، كانوا يرجون الموت ويقولون: العدم خير من هذا الوجود، ويقولون كما حكى الله عنهم: ﴿يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ [الزخرف:٧٧] أي: بالموت، والله تعالى يقول: ﴿لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا﴾ [فاطر:٣٦] .

11 / 13