٢ - وإما أن يقال: إن مراد ابن عباس ﵄: أن لا توبة له فيما يتعلق بحق المقتول، لأن القاتل عمدًا يتعلق به ثلاثة حقوق: حق الله، وحق المقتول، والثالث لأولياء المقتول.
أ- أما حق الله، فلا شك أن التوبة ترفع، لقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٥٣]، وهذه في التائبين.
ب- وأما حق أولياء المقتول، فيسقط إذا سلم الإنسان نفسه لهم، أتى إليهم وقال: أنا قتلت صاحبكم، واصنعوا ما شئتم فهم إما أن يقتصوا، أو يأخذوا الدية، أو يعفوا، والحق لهم.
جـ- وأما حق المقتول، فلا سبيل إلى التخلص منه في الدنيا.
وعلى هذا يحمل قول ابن عباس أنه لا توبة له، أي: بالنسبة لحق المقتول.
على أن الذي يظهر لي أنه إذا تاب توبة نصوحًا، فإنه حتى حق المقتول يسقط، لا إهدارًا لحقه، ولكن الله ﷿ بفضله يتحمل عن القاتل ويعطي المقتول رفعة درجات في الجنة أو عفوًا عن السيئات، لأن التوبة الخالصة لا تبقي شيئًا، ويؤيد هذا عموم آية الفرقان: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ .....﴾ إلى قوله: ﴿إِلاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ [الفرقان: ٧٠].
وفي هذه الآية من صفات الله: الغضب، واللعن وإعداد