جاء بالصدق، ومنه قول الرسول ﵊ لأبي هريرة حين قال له الشيطان: إنك إذا قرأت آية الكرسي، لم يزل عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح قال له: "صدقك وهو كذوب" (١)، يعني: أخبرك بالصدق. فالرسل مصدوقون، كل ما أوحي إليهم، فهو صدق، ما كذبهم الذي أرسلهم ولا كذبهم الذي أرسل إليهم، وهو جبريل ﵊، ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ [التكوير: ١٩ - ٢١].
وأما على نسخة: "مصدقون"، فالمعنى أنه يجب على أممهم تصديقهم، وعلى هذا يكون معنى "مصدقون"، أي: شرعًا، يعني: يجب أن يصدقوا شرعًا، فمن كذب بالرسل أو كذبهم، فهو كافر، ويجوز أن يكون "مصدقون" له وجه آخر، أي: أن الله تعالى صدقهم، ومعلوم أن الله تعالى صدق الرسل، صدقهم بقوله وبفعله:
أما بقوله: فإن الله قال لرسوله محمد ﵊: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ﴾ [النساء: ١٦٦]، ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾ [المنافقون: ١]، فهذا تصديق بالقول.
(١) علقه البخاري (٢٣١١) من حديث أبي هريرة ﵁ عند ما وكله رسول الله ﷺ بحفظ زكاة رمضان، في كتاب الوكالة إذا وكل رجلًا فترك الوكيل شيئًا فأجازه الموكل.
وقال الحافظ: في "الفتح" (٤/ ٤٨٨): هكذا أورد البخاري هذا الحديث هنا ولم يصرح فيه بالتحديث ... وقد وصله النسائي والإسماعيلي وأبو نعيم من طرق.