Excellence of the Lord of Creation in Explaining the Brilliant Pearls
فضل رب البرية في شرح الدرر البهية
Genres
(وفي الرقاب) أي في العتق، والمراد العبد المسلم أو الأمة يُشترى ويعتق، أو يكون مكاتبًا، فيعطى من مال الزكاة ما يسدُّ به كتابته ليصير حرًّا.
والمكاتب هو الذي يكاتب سيده، أي يعقد عقدًا مع سيده بأن يدفع له مبلغًا من المال مقابل أن يتحرّر، فبعد أن يدفع العبد المبلغ كاملًا لسيده يصير حرًا.
وفي جعل الله ﷿ العبد والأمة المكاتبين من مصارف الزكاة، دليل على تشوّف الإسلام للعتق وتحرير الناس من الرِّقّ، فإن الإسلام عندما جاء وجد باب الرق مفتوحًا بشكل كبير، فضيّق سبله ووسّع سبل العتق، ولكن ليس على الإطلاق بالصورة التي توجد اليوم عند الناس.
ولكن لو قال قائل: لماذا لم يُغلَق باب الرق بالكليّة؟
قلنا لأن هناك مصلحة في صورة معيّنة، لا بد أن تبقى، وهي محقّقة في قول النبي ﷺ «عجب ربنا من أناس يُقادون إلى الجنة بالسلاسل» (١).
صورة الرق الباقية هي في الجهاد، فعند القتال يؤخذ النساء والصبيان رقيقًا، فما المصلحة في ذلك:
أولًا: إدخالهم في الإسلام وهي أعظم مصلحة، فيكسبون برقهم في الدنيا آخرتهم فَرِقٌّ في الدنيا يقابل سعادة الآخرة الأبدية لاشيء.
ثانيًا: حفظهم في الدنيا، ففي حال الحروب والقتال فإن أكثر من يضيع النساء والأطفال، جوع وقتل وعذاب واعتداء، وصف ما تشاء في النساء والأطفال. فإذا أخذوا رقيقًا حفظوا، فقد جعل الشارع لهم حقوقًا، فلا يجوز الاعتداء عليهم بأي نوع من أنواع العذاب ولا الإهانة، ويجدون لهم مكانًا يحفظهم ويؤويهم، فيأكلون ويشربون وينامون ويستريحون ولا يشرّدون ويضيعون كالحال الموجود اليوم، والمصالح كثيرة هذه منها.
(والغارمين) جمع غارم، وهو الذي تحمّل دينًا من غير معصية، سواء كان تحمّله هذا لنفسه أو لغيره، كإصلاح بين الناس، فيعطى الغارم من الزكاة ليسد دينه.
(وفي سبيل الله) وهذا المصرف قد توسّع فيه بعض الناس ليبيحوا لأنفسهم التصرّف في أموال الله، فجعلوا في سبيل الله كلمة واسعة يدخل تحتها أي شيء أرادوه، وزعموا أنه لله،
(١) أخرجه البخاري (٣٠١٠).
1 / 196