165

Excellence of the Lord of Creation in Explaining the Brilliant Pearls

فضل رب البرية في شرح الدرر البهية

Genres

قال المؤلف ﵀: (والقعودُ عليها) مسألة ثانية، وهي احترام القبور وتقديرها احترامًا لأهلها، فشريعة الله دائمًا بين الإفراط والتفريط، واعتدال في كل الأمور، ولا يمكن أن تكون معتدلًا إلا إذا تقيدت بكتاب الله وسنة رسول الله ﷺ. قال: والقعود عليها، أي القعود على القبور محرم، لقول النبي ﷺ: «لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتَخْلُصَ إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر» (١). وقد تقدم أنه نهى أيضًا عن القعود على القبور احترامًا لأصحابها كما جاء في الحديث المتقدم من حديث جابر، قال: «نهى الرسول ﷺ أن يُجصّص القبر وأن يُقعد عليه وأن يُبنى عليه» (٢)، فهذه ثلاثة أمور نهى ﷺ عنها. قال المؤلف: (وسَبُّ الأمواتِ) لقول النبي ﷺ: «لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا» (٣). أي قد ذهبوا إلى ما قدموه من خير أو شر. وقال ﷺ: «لا تذكروا هلكاكم إلا بخير» (٤). وقال ﷺ: «لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء» (٥). مسألة: إن احتجنا إلى ذكر الميت بسوء لمصلحة شرعية معتبرة، فهل يجوز؟ نعم يجوز، ودليل ذلك ما جاء عن أبي هريرة، أنه قال: مُرّ على النبي ﷺ بجنازة، فأثني عليها خيرًا في مناقب الخير، فقال: «وجبت» ثم مروا عليه بأخرى، فأثني عليها شرًا في مناقب الشر، فقال: «وجبت، إنكم شهداء الله في الأرض» (٦).

(١) أخرجه مسلم (٩٧١). (٢) تقدم تخريجه. (٣) أخرجه البخاري (١٣٩٣) من حديث عائشة ﵂. (٤) أخرجه النسائي (١٩٣٥)، وأبو داود الطيالسي (١٥٩٧)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (٦٠٤٢)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (٣/ ٤٦)، وغيرهم. (٥) أخرجه أحمد (٣٠/ ١٥٠)، والترمذي (١٩٨٢) من حديث المغيرة بن شعبة ﵁. (٦) أخرجه البخاري (١٣٦٧)، ومسلم (٩٤٩).

1 / 165