162

Al-tabshīr waʾl-istiʿmār fī al-bilād al-ʿarabiyya: ʿarḍ li-juhūd al-mubashshirīn allatī tarmī ilā ikhdāʿ al-sharq li-l-istiʿmār al-gharbī

التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي

Publisher

المكتبة العصرية-صيدا

Edition

الخامسة

Publication Year

١٩٧٣

Publisher Location

بيروت

Genres

«أَمَّا فِي بِلاَدِ العَلَوِيِّينَ فَإِنَّنَا، حَتَّى السَّاعَةَ، لَمْ نُدْرِكْ الأَسْبَابَ التِي تُخَوِّلُ أَوْلِيَاءَ الأَمْرِ فِي سُورِيَّةَ، الشَّقِيقَةَ العَزِيزَةَ، عَلَى أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى الرِّسَالَةِ الكَاثُولِيكِيَّةَ نَظَرَهُمْ إِلَى مُؤَسَّسَةٍ غَيْرَ مَرْغُوبٍ فِيهَا، وَعَلَى أَنْ يُعَامِلُوا القَائِمِينَ وَالقَائِمَاتِ بِهَا مُعَامَلَةَ أَعْدَاءِ الوَطَنِ السُّورِيِّ.
مَاذَا طَلَبَتْ الحُكُومَةُ السُّورِيَّةُ مِنْ أَرَبَابِ هَذِهِ الرِّسَالَةِ فِي الحَقْلِ الوَطَنِيِّ يَرْتَاحُ إِلَيْهِ الضَّمِيرُ المَسِيحِيُّ وَلَمْ يَتَمَوَّهْ؟ (لاَحِظْ الشَّرْطَ: يَرْتَاحُ إِلَيْهِ ... الخ) فَلِمَاذَا إِذَنْ هَذِهِ المُعَامَلَةُ الخَشِنَةُ بَلْ الهَمَجِيَّةُ (كَذَا) تَعَامُلَ بِهَا بَنَاتٌ عَذَارَى (أَيْ الرَّاهِبَاتُ) لاَ هَمَّ لَهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَعْمَلْنَ وَيُثَقِّفْنَ وَيَرْقِينَ صِغَارَ العَلَوِيِّينَ؟ مَا الذِي خَوَّلَ الجُنُودَ السُّورِيِّينَ أَنْ يَدْخُلُوا بَيْتَ الرَّاهِبَاتِ وَهُمْ شَاكُّونَ السِّلاَحَ وَيَتَهَدَّدُونَ بِكَلاَمٍ فَظٍّ وَيَجُرُّوهُنَّ إِلَى السُّجُونِ؟ أَيَّةُ جَرِيمَةٍ ضِدِّ الوَطَنِ اِرْتَكَبَتْهَا هَؤُلاَءِ العَذَارَى الحَيِيَّاتِ حَتَّى يُرَوَّعْنَ بِمِثْلِ مَا رُوِّعْنَ فِي المُدَّةِ الأَخِيرَةِ؟ أَهَكَذَا كَانَ الجُدُودُ العَرَبُ يُعَامِلُونَ النِّسَاءَ المُحْصَنَاتِ، أَلاَ نَظْرَةً إِلَى تَارِيخِكُمْ، أَيُّهَا الإِخْوَانُ السُّورِيُّونَ! أَيْنَ الشَّهَامَةُ العَرَبِيَّةُ وَأَيْنَ النِّبَالَةُ التِي تَتَغَنَّوْنَ بِهَا؟ كُنَّا ظَنَّنَا فِي بادِئِ الأَمْرِ أَنْ لَيْسَ لِهَذِهِ المُعَامَلَةِ صِفَةً رَسْمِيَّةً بَلْ هِي مِنْ عِنْدِ أَشْخَاصِ الحُكُومَةِ المَحَلِّيَّةِ مِنْ إِدَرِايَّةٍ وَعَسْكَرِيَّةٍ رَامُوا مِنْ وَرَائِهَا أَنْ يَظْهَرُوا بِمَظْهِرِ الغَيْرَةِ عَلَى وَطَنِهِمْ وَاهِمِينَ أَنَّهُمْ بِذَلِكَ يُرْضُونَ رُؤَسَاءَهُمْ؟ فَخَابَ الآنَ ظَنُّنَا بَعْدَ أَنْ رَشَحَ إِلَينَا مِنْ مَصْدَرِ يُوثَقُ بِصِدْقِهِ أَنَّ هَؤُلاَءِ يَتَلَقَّوْنَ أَوَامِرَ صَرِيحَةً مِنْ عَلِ: مِنْ وِزَارَةِ الدَّاخِلِيَّةِ السُّورِيَّةِ، فَهَالَنَا الأَمْرُ وَجِئْنَا نَسْأَلُ الدَّاخِلِيَّةَ السُّورِيَّةَ بِاسْمِ الدُّسْتُورِ السُّورِيِّ الذِي يَضْمَنُ حَرَّيَّةَ الفِكْرِ وَالقَوْلِ وَالعَقِيدَةِ، لِمَ المُخَالَفَةُ لِلْدُّسْتُورِ؟ لَقَدْ نَادَى رِجَالُ الحُكْمِ فِي سُورِيَّةَ بِأَنْ لَيْسَ فِي سُورِيَّةَ أَكْثَرِيَّةً وَأَقَلِّيَّةً، بَلْ إِنَّ سُورِيَّةَ هِي لِلْسُّورِيِّينَ عَلَى اِخْتِلاَفِ أَدْيَانِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمْ! فَلِمَ تُكَذَّبُ الأَقْوَالُ بِالأَعْمَالِ وَلِمَ يُسْتَخَفُّ بِنُصُوصِ الدُّسْتُورِ بِدُونِ حَيَاءٍ؟
أَهَذَا هُوَ الوَقْتُ المُوَافِقُ لِمِثْلِ هَذِهِ الأَفْعَالِ الجَائِرَةِ تَنْزِلُ بِقَوْمٍ عُزَّلٍ وَبِعَذَارَى وَدِيعَاتٍ؟ بِمِثْلِ هَذَا التَّصَرُّفِ تُجْمَعُ القُلُوبُ وَيُنْشَدُ الإِخَاءُ؟ إِنَّنَا عَالِمُونَ بِالنِّيَّاتِ المُبَيِّتَةِ. وَالوَقَائِعُ شَاهِدَةٌ.
فَهُنَاكَ ضَغْطٌ وَتَهْدِيدٌ وَإِغْرَاءٌ لِحَمْلِ بَعْضِ العَلَوِيِّينَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا مُعْتَقَدَهُمْ ...
وَسَنَعْنِي فِي أَجْزَائِنَا الآتِيَةِ بِتَفْصِيلِ ذَلِكَ لِتَّطَلُّعِ القُرَّاءِ عَلَى الطَّرِيقَةِ التِي يَسْتَخْدِمُهَا أَرْبَابُ الحُكْمِ السُّورِيُّونَ فِي تَطْبِيقِ دُسْتُورِهِمْ وَنُنَبِّهَ الرَّأْيَ العَامَّ إِلَى الكَذِبِ السِّيَاسِيِّ الذِي يُمَوِّهُونَ بِهِ عَلَيْهِ.
لَقَدْ رُوجِعَتْ الحُكُومَةُ المَحَلِّيَّةُ فِي بِلاَدِ العَلَوِيِّينَ وَرُوجِعَتْ وِزَارَةُ الدَّاخِلِيَّةِ بِأَمْرِ هَذِهِ الاِعْتِدَاءَاتِ فَكَانَ فِي الأَجْوِبَةِ إِبْهَامٌ، وَكَانَ فِيهَا مُرَاوَغَةٌ وَكَانَ فِيهَا تَنَصُّلٌ مِنَ التَّبِعَاتِ فَجِئْنَا

1 / 164