149

Al-tabshīr waʾl-istiʿmār fī al-bilād al-ʿarabiyya: ʿarḍ li-juhūd al-mubashshirīn allatī tarmī ilā ikhdāʿ al-sharq li-l-istiʿmār al-gharbī

التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي

Publisher

المكتبة العصرية-صيدا

Edition Number

الخامسة

Publication Year

١٩٧٣

Publisher Location

بيروت

Genres

فقال لهم (واصا باشا): «طَمْئِنُوا أَصْدِقَائَكُمْ وَحُكُومَتَكُمْ (الأَمِرِيكِيَّةِ) بِأَنِّي سَأَعْمَلُ مَا فِي وُسْعِي لِحِمَايَتِكُمْ وَحِمَايَةِ عَمَلِكُمْ». وكذلك كانت سياسة رستم باشا من قبل (١).
فِرَنْسَا خَاصَّةً:
أما فرنسا خاصة فكانت تعتقد أن النفوذين الديني والسياسي في جبل لبنان احتكار لها دون سائر الدول. من أجل ذلك ساءها أن ترى المبشرين البروتستانت يتمتعون بحماية رسمية. وشاء المتصرف داود باشا - وَكَانَ أَرْمِنِيًّا - أن يرضي فرنسا فمتع القسس الموارنة بالحرية لاستئصال شأفة البروتستانتية (٢).
وعلى هذا المنوال سارت الحال في جبل لبنان حتى نشبت الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٤، فرأت الدولة العثمانية في نظام المصرفية خطرًا على إمبراطوريتها فألغته. وهكذا سكنت حركة التبشير لتنبعث بعد أربعة أعوام من جديد بقوة واتساع، حينما احتل الإنجليز والفرنسيون سورية وقلصوا ظل الدولة العثمانية عن شرق البحر الأبيض المتوسط كله.
على أن هذا الاحتلال الثنائي لم يطل كثيرًا، بل انسحب الإنجليز إلى جنوبي سورية (فلسطين وشرق الأردن) وظل الفرنسيون في الشمال (سورية ولبنان). وهكذا صال المبشرون اليسوعيون في منطقة الانتداب الفرنسي صولة شديدة ثم جعلوا - بعد أن كانوا يلمحون - يصرحون ويلوحون. فمن أقوالهم:
لما فتحت الهدنة عام ١٩١٨ للمبشرين طريق سورية من جديد، وطد أولئك المبشرون أقدامهم في حوران، وفوضهم الأساقفة الكاثوليكيون بما كانوا قد أجبروا على تركه عام ١٩١٤ (٣).
وأشد تلويحًا قولهم: «أَيُّهَا المُبَشِّرُونَ، هَذِهِ فُرَصٌ لَمْ تُسْنَحْ لَكُمْ مِنْ قَبْلُ» (٤).
ولم تكن الدولة الفرنسية المنتدبة وحدها عونًا لليسوعيين على تنصير غير النصارى، بل إن الحكومة المحلية - التي لم تكن إلا وجهًا آخر لدولة الانتداب - كانت تساعد في ذلك. يقول اليسوعيون أنفسهم (٥):

(١) Jessup ٥٣٢
(٢) Jessup ٢٥٠
(٣) Les Jésuites en Syrie ١٠: ٦٤
(٤) ibid ١١: ٢٦
(٥) ibid ١٠: ٦٦

1 / 151