320

Mawsūʿat maḥāsin al-Islām wa-radd shubahāt al-liʾām

موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام

Publisher

دار إيلاف الدولية للنشر والتوزيع (دار وقفية دعوية)

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Genres

وإليك الآن باقة متوجة من أخلاق النبي ﷺ أرجو أن ينفع الله بها المحبين، وأن يدحض بها الحاسدين الحاقدين. إنه حسبنا ونعم الوكيل.
حلمه وعفوه واحتماله وصبره ﷺ-.
حلمه وعفوه واحتماله وصبره ﷺ، كلها معانٍ متقاربة، وهذا كله مما أدب الله به نبيه ﷺ فقال: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ (الأعراف: ١٩٩). وقال عبد الله بن الزبير: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ قال: "مَا أَنْزَلَ الله إِلَّا فِي أَخْلَاقِ النَّاسِ" (١). وقال أيضًا: أَمَرَ الله نَبِيَّهُ ﷺ أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاس. (٢)
وقال تعالى لنبيه: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧)﴾ (لقمان: ١٧).
ولا خفاء بما يؤثر من حلمه واحتماله، وأن كل حليم قد عرفت منه زلة وحفظت عنه هفوة وهو ﷺ لا يزيد مع كثرة الأذى إلا صبرًا، وعلى إسراف الجاهل إلا حلمًا. (٣)
وعَنْ عَائِشَةَ ﵁ أَنَّهَا قَالتْ: "مَا خُيِّرَ رَسُولُ الله ﷺ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا؛ فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ الله ﷺ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الله فَيَنْتَقِمَ لله بِهَا". (٤)
قال ابن حجر في قوله "مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِه": أي خاصة. فلا يرد أمره بقتل عقبة بن أبي معيط وعبد الله بن خطل (٥) وغيرهما ممن كان يؤذيه لأنهم كانوا مع ذلك ينتهكون حرمات الله. وقيل: أنه لا ينتقم إذا أوذي في غير السبب الذي يخرج إلى الكفر، كما عفا عن الأعرابي الذي جفا في رفع صوته عليه، وعن الآخر الذي جبذ بردائه حتى أثر في كتفه. (٦) (٧).

(١) البخاري (٤٦٤٣).
(٢) البخاري (٢٦٤٤).
(٣) انظر الشفا ١/ ١١٨ بتصرف.
(٤) البخاري (٣٥٦٠)، مسلم (٢٣٢٧).
(٥) انظر: حديث سعد بن أبي وقاص عند النسائي ٧/ ١٠٥ وغيره، وصححه الألباني في الصحيحة (١٧٢٣).
(٦) البخاري (٥٤٧٢)، مسلم (١٠٥٧).
(٧) فتح الباري ٦/ ٦٤٨.

1 / 320