2134

Mawsūʿat maḥāsin al-Islām wa-radd shubahāt al-liʾām

موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام

Publisher

دار إيلاف الدولية للنشر والتوزيع (دار وقفية دعوية)

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Genres

أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النبي ﷺ فأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أخبرني عَنِ الإِسْلَامِ. . . . الحديث وفيه: ثُمَّ قَالَ لي: "يَا عُمَرُ أَتَدْرِى مَنِ السَّائِلُ؟ ". قُلْتُ الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ". (١)
الرَّابِعَةُ: أَنَّهُ كَانَ يَأْتِيهِ فِي مِثْلِ صَلْصلَةِ الْجَرَسِ، وَكَانَ أَشَدّهُ عَلَيْهِ فَيَتَلَبّسُ بِهِ الْمَلَكُ حَتّى إنّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصّدُ عَرَقًا فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ.
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ﵂ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ ﵁ سَأَلَ رَسُولَ الله ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله كَيْفَ يَأْتِيكَ الوحي؟ فَقَالَ رَسُولُ الله ﷺ: "أَحْيَانًا يأتيني مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ - وَهُو أشَدُّهُ عَلَىَّ - فَيُفْصَمُ عَنِّى وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لي الْمَلَكُ رَجُلًا فيكلمني فَأَعِى مَا يَقُولُ". قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الوحي في الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا. (٢)
قال النووي: قَالَ الْعُلَمَاء: وَالْحِكْمَة فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَفَرَّغَ سَمْعُهُ ﷺ، وَلَا يَبْقَى فِيهِ وَلَا فِي قَلْبه مَكَان لِغَيْرِ صَوْت الْمَلَك. (٣)
قال ابن الجوزي: إنما شبهه بالجرس؛ لأنه صوت متدارك لا يفهمه في أول وهلة حتى يتثبت ولذلك قال: "وهو أشده علي"، وقوله: "فيفصم عني" أي يقلع عني وينجلي ما يغشاني منه. وأصله من الفصم وهو القطع، وقولها: (وإن جبينه) للإنسان جبينان والجبهة بينهما، وقوله: (ليتفصد) بمعنى: يسيل عرقًا كما يفصد العرق، وكان ﷺ يلقى مشقة شديدة لثقل ما يلقى عليه من القرآن، فيعتريه ما يعتري المحموم، وكان ذلك من هيبة الكلام، وتعظيم المتكلم، وجمع الفهم للوعي، وخوف التحريف لنقص العقول من غير

(١) رواه البخاري (٤٤٩٩) عن أبي هريرة، ومسلم (١٠٢) واللفظ له.
(٢) البخاري (٢)، ومسلم (٢٣٣٣).
(٣) شرح مسلم للنووي ٨/ ٤٦.

4 / 176