Mawsūʿat al-iʿjāz al-ʿilmī fī al-Qurʾān wa-l-Sunna
موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
Publisher
دار المكتبي-سورية-دمشق-الحلبوني
Edition Number
الثانية ١٤٢٦ هـ
Publication Year
٢٠٠٥ م.
Publisher Location
جادة ابن سينا.
Genres
الشيءُ العجيبُ هو أنه على طولِ هذه التفرُّعاتِ التي تنتهي بالأسناخِ الرئويةِ تنتشرُ الأهدابُ، فما هي الأهدابُ؟ إنّها أشعارٌ طولُ الواحدِ منها ستةُ ميكروناتٍ، وقطرُه ٠. ٢ من الميكرون، هذه الأهدابُ تتحرّكُ نحو الأعلى دائمًا بمعدّلِ ألْفٍ إلى ألفٍ وخمسمئة مرة في الدقيقةِ من أجلِ أنْ تطردَ كلَّ الشوائبِ، وكلَّ الأجسامِ الغريبةِ، وليبقَى طريقُ الهواءِ نظيفًا نقيًا صافيًا، وحتى هذه الساعةِ عَجَزَ أطباءُ العالَمِ عن زرعِ الرئةِ، لأنهم عجزوا عن توصيلاتِ الأعصابِ المتعلقةِ بالأهدابِ، والشيءُ الغريبُ هو أنّ هذه الأهدابَ الرئويةَ الموزعةَ في القصبةِ، وفي الفروعِ حتى تصلَ إلى الأسناخِ فإنها تطردُ الأجسامَ الغريبةَ وتحرِّكُها بسرعةِ ١٦ ميليمترًا في الدقيقة، أما إذا دَخلَ شيءٌ غريبٌ إلى القصبةِ كقطرةِ ماءٍ فسوف يكونُ السعالُ عندئذٍ، فما السُّعالُ؟ يخرجُ الهواءُ من الرئتينِ بسرعة تسعمئةِ كيلو مترٍ في الساعةِ، كآلةٍ ضاغطةٍ، من أجلِ أن يدفعَ كلَّ شيءٍ في القصبةِ.
إنّ الشيءَ الأعظمَ من ذلك أنّ التنفسَ يتمُّ بتنبيهٍ عصبيٍّ نوبيٍّ، لا إراديٍّ، فلو أنّ اللهَ ﷾ أَوْكلَ التنفسَ إلينا لكانَ الخيارُ صعبًا جدًا، فلا بدّ أنْ نلغيَ النومَ، فإذا نمنا فسوف نموتُ، وهناك مرضٌ نادرٌ جدًا يصيبُ مركزَ التنبيهِ الرئويِّ النوبيُّ بالعطبِ، وعندئذٍ لا يستطيعُ الإنسانُ أن ينامَ الليلَ أبدًا، وقد اخْتُرِعَ دواءٌ غالٍ جدًا يأخذُه الإنسانُ كلَّ ساعةٍ، ولكنْ لا بدّ أنْ يستيقظَ كلَّ ساعةٍ ليأخذَ حبةً، لأنّ مفعولَ هذا الدواءِ ينتهي بعدَ ساعةٍ، فنحن في نِعَمٍ لا تُحصَى.
الحنجرة وعتبة الحواس
يقولُ ربُّنا ﷾ في كتابِه الكريمِ: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: ٤٩] .
هناك تقديرٌ دقيقٌ في كلِّ شيءٍ خَلَقَه اللهُ ﷿، هذا المعنى يُستنبطُ من قولِه تعالى: ﴿خَلَقَ السماوات والأرض بالحق وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ المصير﴾ [التغابن: ٣] .
1 / 174