187

Encyclopedia of Narrative Tafsir

موسوعة التفسير المأثور

Publisher

مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي-دار ابن حزم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٩ - ٢٠١٧

Publisher Location

بيروت

Genres

والرسول ﷺ لم يمنع عديًّا من أن يفهم القرآن على ما عنده من معرفة اللسان العربي (^١)؛ لأن فهمه من جهة اللغة صحيح، لكنه بيَّن له المعنى اللغوي الآخر الذي لم يذهب إليه عديٌّ، وهو بياض النهار وسواد الليل، ولو كان فهم القرآن ابتداءًا غير جائز لهم لنبههم ﷺ على ذلك، وذلك لم يرد مع تكرر الوقائع المشابهة لواقعة عديٍّ ﵁. الثاني: أن يقرَّ فهمهم: ومن ذلك: ما ورد عن عمرو بن العاص أنه قال: لما بعثه رسول اللَّه ﷺ عام ذات السلاسل، قال: فاحتلمت في ليلةٍ باردةٍ شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال: فلما قدمنا على رسول اللَّه ﷺ ذكرت ذلك له، فقال: "يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنبٌ؟ " قال: قلت: نعم يا رسول اللَّه، إني احتلمت في ليلةٍ باردةٍ شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول اللَّه ﷿: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: ٢٩] فتيممت، ثم صليت. فضحك رسول اللَّه ﷺ ولم يقل شيئًا (^٢). وهذه التفسيرات معتمدة -كما هو ظاهر- على الرأي، لكنهم كانوا يرجعون إلى النبي ﷺ، وبهذا يمكن القول بأن بداية التفسير بالرأي كانت في عهد النبي ﷺ، ولكنه الرأي الذي يستند إلى دليل صحيح. * معالم التفسير في العهد النبوي: مما تقدم نستخلص أهم معالم التفسير النبوي وملامحه فيما يلي: ١ - أن النبي ﷺ لم يفسر جميع آيات القرآن تفسيرًا صريحًا، آية آية، ولفظًا لفظًا، لعدم حاجة الصحابة إلى ذلك. ٢ - أن النبي ﷺ تُوفي وقد تم بيان جميع القرآن لعموم الصحابة من خلال تفسيره الصريح وغير الصريح، ومما فهمه الصحابة رضوان اللَّه عليهم بمقتضى لغتهم وفطرتهم السليمة.

(^١) وفي الأثر دليل على اعتماد اللغة في تفسير القرآن المجيد. (^٢) رواه أحمد في مسنده (١٧٨١٢)، ٢٩/ ٣٤٦، وهو حديث صحيح، وينظر: تفسير ابن كثير: ٢/ ٢٦٩.

1 / 197