45

Encyclopedia of Ethics - Al-Kharraz

موسوعة الأخلاق - الخراز

Publisher

مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Publisher Location

الكويت

Genres

تصبح سجية في النفس نحو الفضيلة حتى تتحقق السعادة، ولكن كم من الناس عن سعادتهم غافلون! وقد يحرمون نفوسهم من خير كثير بسبب قلة أدبهم. قال العلامة ابن القيم ﵀: "وانظر قلة أدب عوف مع خالد: كيف حرمه السَّلَب بعد أن بَرَد بيديه؟ " (١). أي عندما غضب عوف ولم يملك نفسه، حرم الخير. عن عوف بن مالك، قال: قَتَلَ رَجُلٌ مِن حِميَرَ رَجُلًا مِنَ العَدوِّ، فأَرَادَ سَلَبَهُ، فَمَنَعَهُ خَالِدُ بنُ الوليدِ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَيهِم، فَأتَى رسُولَ اللهِ ﷺ عَوفُ بنُ مَالِكٍ، فَأخبَرَهُ، فقال لِخَالِدٍ: "مَا مَنَعَكَ أَن تُعطِيَهُ سَلَبَهُ؟ " قال: استَكثَرتُهُ، يَا رَسُولَ اللهِ! قال: "ادفَعهُ إلَيهِ"، فَمَرَّ خَالِدٌ بِعَوفٍ فَجَرَّ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قال: هَلْ أَنجَزتُ لَكَ مَا ذَكَرتُ لَكَ مِن رَسُولِ اللهِ؟ فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَاستُغضِبَ. فقال: "لَا تُعطِهِ يَا خَالِدُ، لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، هَلْ أَنتُم تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي؟ إنَّمَا مَثَلُكُم وَمَثَلُهُم كَمَثَلِ رَجُلٍ استُرعىَ إِبِلًا أَو غَنَمًا فَرَعَاهَا، ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا، فَأوَردَهَا حَوْضًا، فشَرَعَت فِيهِ فشَرِبَت صَفوَهُ وَتَرَكَتْ كَدرَهُ، فَصَفوُهُ لَكُم وَكَدرُهُ عَلَيهِم" (٢). ما أجمل الأدب بالأفعال! وهكذا يصنع العقلاء، فقد خاصم رجل الأحنف فقال الرجل: لئن قلتَ واحدة لتسمعنَّ عشرًا، فقال الأحنف: لكنَّك إن قلتَ عشرًا، لم تسمع واحدة (٣).

(١) "مدارج السالكين" (٢/ ٣٦٩). (٢) أخرجه مسلم (١٧٥٣) في كتاب الجهاد، باب: استحقاق القاتل سلب القتيل. (٣) "سير أعلام النبلاء" (٤/ ٩٣).

1 / 45