فماذا تعني بكلمة «عون»؟ تعني أنك لن تقدم لهم مالا، ولن تمنحهم المواطنة الرومانية؟ فمن قال لك إن أشياء من هذا القبيل هي في قدرتك وليست في قدرة سواك؟ ومن ذا الذي يمكنه أن يعطي غيره ما ليس يملكه هو نفسه؟ لعلهم يقولون لك: «حسنا، فلتكسب هذه الأشياء إذن لكي تفيض علينا بحظ منها.» فقل: «إذا كان بالإمكان أن أكتسب المال وأبقي على تواضعي وإخلاصي وشهامتي، فلتدلوني على الطريق ولسوف أكتسبه. ولكن إذا كنتم تريدونني أن أفقد الأشياء التي هي خير والتي هي في حوزتي، لكيما تحظوا بالأشياء التي ليست خيرا، فما أظلمكم وأحمقكم. ثم ما هو الأفضل: أن يكون لكم مال أم أن يكون لكم صديق مخلص شريف؟ فلتساعدوني إذن على أن أكون ذلك الشخص لا على أن أفعل ما هو حقيق أن يجردني من هذه الصفات. - «ولكن وطني، بقدر ما يعتمد علي سوف يفقد عوني.»
مرة ثانية، ماذا تعني بكلمة «عون» هنا أيضا؟ لن يحظى الوطن بأروقة معمدة أو حمامات بواسطتك. وماذا في ذلك؟ فالوطن لن يتزود بالأحذية بواسطة الحداد، ولا بالأسلحة بواسطة الإسكاف. ولكن بحسبه أن ينصرف كل إلى العمل الموكول له فيؤديه أتم الأداء. وإذا كان عليك أن تزود الوطن بمواطن إضافي مخلص وشريف، ألن يكون هذا ذا نفع له؟ فكذلك أنت.
ستقول: «أي مكان إذن سوف أشغله في الدولة؟»
أيما مكان يمكنك أن تشغله محتفظا بإخلاصك وشرفك. أما إذا دفعتك رغبتك في نفع الدولة إلى أن تفقد هذه الصفات، فأي نفع يمكن أن ينالها منك إذا ما صرت صفيقا خائنا؟! (25) دفع الثمن
هل فضل عليك غيرك في دعوة إلى وليمة، أو في تكريم، أو اجتماع مجلس؟
إذا كانت هذه الأشياء خيرا، فإن عليك أن تغبط من نالها. أما إذا كانت شرا فلا تحزن لأنك لم تنلها. واعلم أنك لا يمكن أن يسمح لك بمنافسة الآخرين في الأشياء الخارجية دون أن تستخدم نفس الوسائل للحصول عليها. وإلا فكيف يمكن لامرئ لا يتردد على أبواب أي كان ولا يلازمه ولا يتملقه أن يحظى منه بما يحظى به من يفعل هذه الأشياء؟ إنك لمجحف وجشع إذا كنت تتخلى عن دفع الثمن الذي تباع به هذه الأشياء، وتريد أن تحصل عليها بالمجان.
حسن، بكم يباع الخس؟ بأوبول
obolus
مثلا؟ فإذا حظي بالخس دافع الأوبول وأحجمت أنت عن الدفع وعدت من غير خس، فلا تحسب أنه حظي بأي أفضلية عليك؛ فإن لديه الخس ولديك الأوبول الذي لم تدفعه.
كذلك الأمر في حالتنا هذه؛ أنت لم تدع إلى وليمة مثل هذا الشخص؛ لأنك لم تدفع له الثمن الذي يباع به العشاء؛ إنه يباع بالإطراء، يباع بالتزلف. أسد إليه الثمن إذن إذا كان في ذلك مصلحتك. أما إذا أردت أن تحتفظ بالثمن وتحظى بالشيء في آن معا فأنت جشع وأحمق.
Unknown page