59

Imʿān al-naẓar fī mashrūʿiyya al-bughḍ waʾl-hajr

إمعان النظر في مشروعية البغض والهجر

Publisher

دار التوحيد

Genres

يَأْكُلْ طَعَامَك إِلاَّ تَقِيٌّ) (١).
وقال القاضي أبو الحسن: (لا تختلف الرواية في وجوب هجر أهل البدع وفُسَّاق الْمِلَّة، ولا فَرْق في ذلك بين ذوي الرحم والأجنبي إذا كان الحق لله؛ فأمَّا إذا كان الحق للآدمي كالقَذْفِ والسَّب والغِيبَة وأخْذ مَاله غصبًا ونحو ذلك نَظَرَ، فإنْ كان من أقاربه وأرحامه لَمْ يَجُز هِجْرُه، وإن كان غيره جاز) انتهى (٢).
ويُوَضِّح كلام «ابن أبي جمرة» المتقدِّم وهذا الكلام أنَّ الوقوعَ في الْمُحَرَّمَات والمعاصي انتهاكٌ لِمَحَارم الله مِمَّا يُوجِبُ غَضَبه سبحانه، والعبودية الْحَقَّة موافقة المعبود، والمحبة موافقة الحبيب، فالربُّ يغضب لانتهاك حرماته والعبد مأمور بموافقة ربه في غضبه ورضاه وحُبِّه وبغضه.
فإذَا داهنَ العبدُ أرحامَه ولَمْ يَغْضَب عليهم لِرَبِّه فهو بِهَذا يكون مُخَالفًا لربه لأنَّ ربه غضبانٌ عليهم، فأمَّا إذا وافق ربه سبحانه بِغَضبه

(١) أخرجه أبو داود في «سننه» برقم (٤٨٣٢)، والترمذي في «سننه» برقم (٢٣٩٥)، وأحمد في «مسنده» برقم (١١٣٥٥)، الحاكم في «مستدركه» برقم (٧١٦٩)، وغيرهم؛ وكلهم من حديث أبي سعيد الخدري ﵁؛ وقال الحاكم عقبه: (هذا حديث صحيح الإسناد ولَم يُخرجاه) ووافقه الذهبي؛ وحسَّنه البغوي في «شرح السنة» (٦/ ٤٦٨)، وحسَّنه - أيضًا - ابنُ مفلح في «الآداب الشرعية» (٣/ ٥٢٧).
(٢) أنظر: «الزجر بالهجر»، ص (٢٨)، و«غذاء الألباب» (١/ ٣٩٥).

1 / 62