Imʿān al-naẓar fī mashrūʿiyya al-bughḍ waʾl-hajr
إمعان النظر في مشروعية البغض والهجر
Publisher
دار التوحيد
Genres
هجر الأقارب والأرحام
عن سعيد بن المسيب ﵀ أنه قال: (كان «أبو بَكْرة» أخَا «زياد» لأُمِّهِ، فلمَّا كان من أمْرِ «زِيَاد» ما كانَ حَلَفَ «أبو بَكْرة» ألاَّ يُكَلِّم «زِيَادًا» أبَدًا، فلَمْ يُكَلِّمْه حتى مَاتَ) انتهى (١).
وفي وقتنا يُقالُ في هذا: " قطيعة رَحِم "!؛ ولكن اعلم أنَّ المغرورَ مَن اغترَّ بأهلِ الوَقتِ الذين دَخَلوا الْمَدَاخِلَ الْمُظْلِمَة!؛ إنَّهم واللهِ يُلَبِّسُون على الْمَرءِ دِينَه إلاَّ مَن عَصَمَه الله منهم.
وقد قال ابنُ أبي جَمْرة ﵀: (تكون صِلَةُ الرَّحم بالمال وبالعَوْن على الحاجَةِ وَبِدَفع الضَّرَرِ وبطلاَقَة الوَجهِ وبالدُّعاء؛ والمعنَى الْجَامِع: إيصَال مَا أمكَن من الخير ودَفْع ما أمكن من الشَّرِّ بِحَسَبِ الطَّاقَة؛ وهذا إنما يستمر إذا كان أهلُ الرَّحِمِ أهلَ استقامةٍ، فإنْ كانوا كُفارًا أو فُجَّارًا فمقاطعتهم في الله هي صِلَتهم بِشَرط بَذْل الْجُهْدِ في وَعظِهم ثم إعلامهم إذا أصَرُّوا أنَّ ذلك بِسَبب تَخَلُّفِهم عن الحق؛ ولا يسقط مع ذلك صِلَتهم بالدعاء لَهُم بِظَهْرِ الغيب أنْ يَعودوا إلى الطريق الْمُثْلى) انتهى (٢).
أنظر قوله: (إذا كانوا كفارًا أو فجارًا)، والفاجر هو الْمُسلم العَاصي؛ وانظر قوله: (فمقاطعتهم في الله هي صلتهم) وهذا هو تحقيق البغض في الله، وفي كتابنا هذا بيان ذلك كما تقدم من فِعْل ابنِ عمر مع ابنه بلال، وابن المسيب مع أبيه، وأبي بكرة، وغيرهم.
(١) أخرجه عبد الرزاق في «مُصنفِه» برقم (١٣٥٦٤)؛ وأخرجه ابنُ عساكر مُفَصَّلًا في «تاريخه» (٦٠/ ٣٦)، وابنُ حزم في «الْمُحلَّى» (١١/ ٢٥٩).
(٢) أنظر: «فتح الباري» لابن حجَر (١٠/ ٤١٨)، و«تحفة الأحوذي» للمباركفوري (٦/ ٣٠)، و«غِذَاء الألباب» للسَّفاريني (٢/ ٥٩).
1 / 60