فالشيخ الأمين ﵀ يميط اللثام عن هؤلاء الذين يفرطون في حقوق الله وخصائصه، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا؛ ففاقوا المشركين في شركهم؛ إذ دعوا أوثانهم وتوجهوا إليها في الشدة والرخاء، والسعة والضيق؛ فهم أشد شركا من الذين قاتلهم النبي ﷺ، وأسوأ حالًا منهم؛ لأن أولئك كانوا يعلمون أن من يجيب الدعاء هو الله، فكانوا يلجؤون إليه وقت الشدائد والكرب، ويتركون أوثانهم.
وقد أشار إلى مشركي زماننا، وشدة تألههم لأوثانهم في الرغبة والرهبة الشيخ سليمان بن عبد الله١ ﵀ فقال: "وأما عباد القبور اليوم فلا إله إلا الله كم ذا بينهم وبين المشركين الأولين من التفاوت العظيم في الشرك؛ فإنهم إذا أصابتهم الشدائد برًا وبحرًا أخلصوا لآلهتهم وأوثانهم التي يدعونها من دون الله، وأكثرهم قد اتخذ ذكر إلهه وشيخه ديدنه وهِجّيراه إن قام، وإن قعد، وإن عثر" ٢.
وقد أشار الشيخ الأمين ﵀ إلى نماذج من شرك هؤلاء الذين يدّعون أنهم من أتباع رسول الله ﷺ، فيغالون فيه، وفي بعض الصالحين زاعمين أنهم يحبونهم ويعظمونهم، وفعلهم في الحقيقة من الأمور التي توجب سخط الله وسخط رسوله ﷺ، فيقول ﵀: "إن ما انتشر في أقطار الدنيا من الالتجاء في أوقات الكروب والشدائد إلى غير الله جل وعلا كما يفعلون ذلك قرب قبر النبي ﷺ وعند قبور من يعتقدون فيهم الصلاح زاعمين أن ذلك من دين الله ومحبة الرسول ﷺ وتعظيمه ومحبة الصالحين. وكله
من أعظم الباطل، وهو انتهاك لحرمات الله وحرمات رسوله؛ لأن صرف
١ تقدمت ترجمته.
٢ تيسير العزيز الحميد، ص٢٢٠.