Duwal Farisiyya Fi Ciraq
تاريخ الدول الفارسية في العراق
Genres
وجلس على سرير المملكة بعده هرمزد الرابع سنة 579م، ثم خلع على إثر فتنة قامت بينه وبين القائد العام بهرام، الذي انحازت إليه الجيوش كلها فأجلس الفرس على العرش ابنه أبرويز سنة 590م - كسرى برويز أو كسرى الثاني - حسما للنزاع وتسكينا للفتن والاضطرابات، فازداد القائد عتوا وطمع في العرش، فدارت رحى الحرب بينه وبين الملك أبرويز، وبعد عدة وقائع جرت بالنهروان في العراق، انتصر بهرام واستولى على «أكتسيفون» واغتصب العرش وأعلن نفسه ملكا، أما أبرويز فإنه فر بعد انكساره إلى «القسطنطينية» مستنجدا بالإمبراطور موريس «موريقي»، فأكرم وفادته وزوجه بابنته، ثم جهز له جيشا عرمرما وأمده بالأموال، فسار أبرويز بالجيش حتى اقترب من العراق فلاقاه بهرام، وبعد معارك هائلة دامت مدة انتصر أبرويز انتصارا باهرا، ومزق جيوش بهرام، وظل يطارده إلى «أذربيجان»، وهناك انتصر عليه انتصارا نهائيا، ففر بهرام إلى بلاد الترك، وعاد أبرويز إلى عرش الملك ودخل «أكتسيفون» باحتفال عظيم، بعد أن دامت الحروب بينه وبين بهرام أربع سنوات.
وعلى إثر هذا الفوز تنازل أبرويز للروم عن مدينتي «دارا» و«ميافارقين» اللتين أخذهما أبوه هرمزد منهم، وأرسل إلى الإمبراطور موريس هدايا نفيسة، وأجزل العطاء والصلات إلى قواد الروم الذين جاءوا لنصرته، وفرق الأموال في العساكر الرومية، فعادوا إلى مقرهم، وعقد أبرويز معاهدة الصلح مع الروم، وأصبحت الدولتان في وفاق ووداد، خصوصا وأن أبرويز أضحى صهر موريس، ولكنه ألغى تلك المعاهدة وأشهر الحرب على الروم سنة 602م، عندما خلعوا الإمبراطور موريس وقتلوه وأجلسوا مكانه «فوقا» على أثر فتنة أهلية حدثت في مملكتهم، فحمل عليهم أبرويز بجيوشه سنة 604م؛ أخذا بثار حميه مورس، ودامت الحروب بين الأمتين أعواما. وبعد أن توغل الفرس في مملكة الروم واستولوا على أكثر ممتلكاتها ومستعمراتها، وكادوا يفتحون «القسطنطينية» ويقضون على تلك المملكة، انعكس الأمر عندما تولى هراقليوس عرش الروم، وأخذوا يستردون من الفرس مدينة بعد أخرى، وظل الفرس يتقهقرون والروم يتقدمون حتى اقترب هراقليوس بجيوشه من «نينوي»، وهناك دارت رحى حرب طاحنة دارت بها الدائرة على الفرس، واستولى الروم على «نينوي» سنة 627م، ثم على «كركوك»، ثم تقدموا نحو «العراق» حتى وصلوا «الزاب الأكبر»، وهناك حدثت حرب أخرى دموية، فانكسر الفرس فيها أيضا، وأخذ الروم يتقدمون والفرس يفرون حتى وصل هراقليوس إلى الدسكرة،
9
ثم تقدم إلى «النهروان» فاختل أمر الفرس واضطربت أحوالهم، فاجتمع كبراؤهم فخلعوا أبرويز وولوا مكانه ابنه شيرويه، وذلك سنة 628م.
ففاوض الملك الجديد الروم في الصلح فأجابوه، وتم عقد الصلح بينه وبين هراقليوس على ما يرضي الروم، فعادوا إلى بلادهم، وعلى أثر ذلك قتل الملك شيرويه أباه أبرويز.
وأبرويز هذا هو الذي قتل النعمان الثالث ملك الحيرة سنة 616م، وولى بدله على الحيرة إياس بن قبيصة الطائي، وهو الذي أرسل إليه صاحب الشريعة الإسلامية
صلى الله عليه وسلم
كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام مع عبد الله بن حذافة السهمي سنة 628م الموافقة لسنة 6ه، فلما حضر عبد الله أمام أبرويز سلمه الكتاب وهذا نصه: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أدعوك بدعاية الله، فإني رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، أسلم تسلم، فإن أبيت فإنما عليك إثم المجوس.»
فقرأه أبرويز فلما انتهى منه مزقه وأساء إلى حامله، وكتب إلى عامله ب «اليمن» يأمره أن يغزو المدينة ويأتيه برسول الله أسيرا، وعاد عبد الله إلى النبي
صلى الله عليه وسلم
Unknown page