Wājibāt al-ʿummāl wa-ḥuqūqihim fī al-sharīʿa al-islāmiyya muqārana maʿa qānūn al-ʿamal al-Filasṭīnī
واجبات العمال وحقوقهم في الشريعة الإسلامية مقارنة مع قانون العمل الفلسطيني
Publisher
جامعة القدس
Genres
وهل يستحق التعويض أم لا؟ وقال جماعة من أهل العلم: لا شيء في جناية لم تترك عيبًا، وبذلك قال الحنابلة والشافعية. (١)
وقال آخرون، لا يستحق المصاب الذي برئ من دون نقص تعويضًا، وبذلك قال المالكية (٢) أن الجاني تلزمه أجرة الطبيب وثمن الدواء، وهو قول عند الحنفية (٣)، وقد أفتى العلماء المعاصرون بأن الإصابة التي تصيب العامل أثناء عمله في مصنع أو شركة ونحوها ينظر فيها، فإن كانت ناتجة عن تقصير أو إهمال من الشركة فإنها ضامنة لأنها المتسببة في هذا الضرر الذي لحق بالعامل، أما إذا كانت الشركة قد اتخذت كافة الإجراءات والاحتياطات اللازمة ولم يحدث منها تقصير أو إهمال فإنها لا تضمن، لأن الأصل في فعل (إصابات) الجمادات (الآلات) أنها جُبَار (٤)، ولا يخلو نزول الضرر ببدن العامل من أمرين لا ثالث لهما:"
الأول: أن يكون رب العمل متعديًا بالعمل، بأن كان يعمل فيما لا يملك العمل فيه، لمخالفة ذلك العمل للقوانين المتبعة في البلاد.
الثاني: أن يكون رب العمل غير متعدٍ في عمله، بمعنى انه موافق لكل القوانين والأنظمة المتَّبعة في البلاد.
ففي الحالة الأولى (أن يكون رب العمل متعديًا) لا يخلو موقف العامل من هذا العمل أن يكون عالمًا بتعدي رب العمل أو عدم علمه، وفي الحالة الثانية (عدم تعدي صاحب العمل) فلا يعدو كونه متسببًا أو غير متسبب.
وقد انطلق الباحثون في هذه الحالات السابقة من قول الرسول ﷺ:" العجماء جرحها جُبار، والبئر جُبار، والمعدِن جُبار، وفي الركاز الخمس" (٥) وقد جاء في توضيح هذا الحديث:" من حفر بئرًا في طريق المسلمين، وكذا في ملك غيره بغير إذن فتلف بها إنسان، فإنه يجب ضمانه على عاقلة الحافر، والكفارة في ماله، وإن تلف بها غير آدمي وجب ضمانه في مال الحافر، ولو حفر بئرًا في ملكه أو في موات فوقع بها إنسان أو غيره فتلف فلا ضمان إذا لم يكن منه تسبب إلى ذلك ولا تغرير،
(١) أبو البركات، مجد الدين، المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ج٢، ص ١٢٩، ط٢، ١٩٨٤م، مكتبة المعارف، الرياض، السعودية. الرافعي، الشرح الكبير، ج١٠، ص١١٩.
(٢) الحطاب، مواهب الجليل، ج٦، ص٦٥٩. الزرقاني، محمد بن عبد الباقي، شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، ج٤، ص٢٢١، ط١، ١٩٩٠م، دار الكتب العلمية، بيروت.
(٣) الكاساني، بدائع الصنائع، ج٧، ص٢٩٦. الزيلعي، تبيين الحقائق، ج٦، ص١٣٨.
(٤) موقع إسلام ويب على شبكة الانترنت http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa
(٥) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الديّات، باب المعدن جُبار والبئر جُبار، ص ١٧٣٣، برقم (٦٩١٢).
1 / 170