264

Dustur Culama

دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون

Publisher

دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت

Edition Number

الأولى، 1421هـ - 2000م

الهيولى والصورة. وإنما ذهب المتكلمون إلى إثبات الجوهر الفرد وتركيب الجسم منه ونفي الهيولى لئلا يلزم قدم العالم والعالم بجميع أجزائه محدث عندهم. وأما عند إثبات الهيولى والصورة ونفي الجزء وتركب الجسم منهما دون الجزء يلزم قدم العالم لأن الصورة لا تنفك عن الهيولى والهيولى لا يجوز أن تكون حادثة وإلا لزم التسلسل. وبيان الملازمة أن كل حادث زماني مسبوق بمادة ومدة كما تقرر في موضعه فلو كان الهيولى حادثة لزم أن يكون لها مادة وهي الهيولى وهلم جرا يعني إثبات الجزء ونفي الهيولى مفيد في نفي القدم ونفي الجزء وإثبات الهيولى مفيد في نفي الحدوث أي ثبوت القدم.

وتفصيل هذا المجمل أن إثبات الجزء مفيد في نفي الهيولى والقائل بالهيولى أيضا معترف بذلك ونفي الهيولى مطلقا قديما أو حادثا مستلزم لنفي الإيجاب ونفي الإيجاب مستلزم لنفي القدم فكان إثبات الجزء أيضا مفيدا ومستلزما لنفي القدم. أما كون نفي الهيولى مستلزما لنفي الإيجاب فلأن المبدأ ذا كان موجبا لا بد لتخصيص من مرجح وهو الإمكان الاستعدادي ولوجوديته لا بد له من مادة فلزم القول بوجود الهيولى. فنفي الهيولى مستلزم لنفي الإيجاب وأما كون نفي الإيجاب مستلزما لنفي القدم فلأن أثر المختار لا يكون قديما لما تقرر في موضعه. فظهر مما ذكرنا أن إثبات الجزء ونفي الهيولى مفيد في نفي القدم ومستلزم له. فإن قلت لا نسلم أن الهيولى لو كان ثابتا لكان العالم قديما لم لا يجوز أن يكون المبدأ مختارا فلا يحتاج إلى مرجح آخر سوى الإرادة حتى يقال إنه لا بد من مرجح وهو الإمكان الاستعدادي فلو لم يكن الهيولى قديما لزم التسلسل كما مر آنفا فيجوز أن يكون الهيولى على هذا التقدير حادثا فيكون العالم أيضا حادثا لا قديما. قلت هذا لا ينافي كون إثبات الجزء ونفي الهيولى مفيدا في نفي القدم إذ ليس معنى الإفادة ها هنا أن إثبات الجزء ونفي الهيولى مفيد في نفي قدم العالم بمعنى أنه لولاه لامتنع نفي القدم حتى يقال إن الملازمة ممنوعة لجواز أن لا يثبت الجزء ويتحقق الهيولى ولا يكون العالم قديما بأن يكون المبدأ مختارا بل معناه ها هنا أن هذا أيضا طريق إلى نفي قدم العالم فإنه يلزم منه نفي الهيولى مطلقا ويلزم من نفي الهيولى المطلق نفي الإيجاب ونفي الإيجاب مستلزم لنفي القدم. ومعنى قولهم إثبات الهيولى مؤد إلى القول بقدم العالم أن الهيولى لا ضرورة في إثباتها إلا على تقدير كون المبدأ موجبا إذ على تقدير كونه مختارا يمكن أن يوجد الهيولى على تقدير ثبوته وإن يوجد جميع الحوادث بلا مادة فلا ضرورة حينئذ في إثبات الهيولى على تقدير كونه مختارا لأن وجود الهيولى وعدمه على هذا التقدير على السواء فلا يكون القائلون بالاختيار قائلين بالهيولى بلا ضرورة فلا يكون القول بالهيولى إلا على تقدير القول بالإيجاب للضرورة التي عرفت ولا يكون ذلك القول إلا بقدم الهيولى لامتناع التسلسل في الهيولى وهو مؤد إلى القول بقدم العالم فافهم واحفظ فإنه من الجواهر المكنونة

Page 270