Dustur Culama
دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون
Publisher
دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت
Edition Number
الأولى، 1421هـ - 2000م
Genres
بالجزئية الحقيقية وهو المصدر للآثار والمظهر للأحكام وهو المكلف بالشرائع.
والثاني إطلاقه على المفهوم العقلي الكلي المنطبق على كل واحد من أفراده الموجودة والمعدومة وهذا الإطلاق مشهور بين الخواص. والإنسان بهذا المعنى يوصف بالكلية والنوعية وله وجود في الأعيان في إفراده ولا وجود له ممتاز عنها في الأعيان وإلا لما أمكن حمله على شيء من إفراده أصلا لأن الحمل عبارة عن تغاير الشيئين في الذهن واتحادهما في الخارج فلو كان له وجود ممتاز عن إفراده في الأعيان لما صح اتحاده مع فرد من أفراده في الأعيان. فالإنسان بهذا المعنى مفهوم عقلي انتزعه العقل من تلك الأفراد بتجريدها عن التشخصات واللواحق المادية. وذلك المفهوم العقلي عند الحكماء تمام الحقيقة النوعية لإفراده وعرفوه بالحيوان الناطق. وقالوا إنه حد تام للإنسان لأن الحيوان جنس قريب للإنسان. والناطق فصل قريب له والتعريف بالجنس والفصل القريبين حد تام. والحيوان جوهر جسم نام حساس متحرك بالإرادة وكل فرد من أفراد الإنسان كذلك. أما أنه جسم فلأنه مركب من الهيولى والصورة وشاغل للحيز بالذات وقابل للأبعاد الثلاثة ولا نعني بالجسم إلا هذا. وإما أنه نام فلأنه يزيد في الأقطار الثلاثة على تناسب طبيعي وهو المعنى بالنامي. وإما أنه حساس فلأنه يدرك الأشياء بالحواس ولا معنى للحساس سوى ذلك. وإما أنه متحرك بالإرادة فلأنه ينتقل من مكان إلى مكان آخر بقصده وإرادته ويوجد الحركات إن شاء ولا يوجدها إن لم يشأ وهو معنى المتحرك بالإرادة فقد ثبت أن الإنسان حيوان. وإما أنه ناطق فلما سيجيء.
ثم اعلم أن ناطق فصل قريب للإنسان فإن قيل من شأن الفضل القريب للماهية اختصاصه بها والناطق ليس كذلك لأن المراد بالنطق إما التكلم فالله تعالى والملائكة وسائر الحيوانات متكلمون. أو المراد به إدراك الكليات وهو أيضا ليس مختصا بالإنسان لأنه تعالى وسائر المجردات كالعقول والنفوس مدركون. فالناطق على أي حال ليس مختصا بماهية الإنسان فضلا أن يكون فصلا له واعلم أن الملائكة عند الحكماء هي العقول المجردة وإن ليس لها وللنفوس الفلكية عندهم نطق أي تكلم أصلا لكن لها إدراك الكليات كما بين في موضعه. وأيضا لو أريد بالنطق إدراك الكليات لزم أحد الأمرين وكلاهما باطل أحدهما أن لا يكون الناطق ذاتيا فصلا قريبا للإنسان الذي من الجواهر لأن الإدراك في الممكنات من مقولة الإعراض عندهم قطعا فيكون خارجا عارضا لا داخلا ذاتيا فضلا عن أن يكون فصلا. وثانيهما أن الإنسان الذي هو من الجواهر لو فرضنا أنه مركب من الجوهر والعرض الذي هو الإدراك لزم أن لا يكون الإنسان جوهرا فإن المركب من الجوهر والعرض ليس بجوهر عندهم أصلا والجواب بأن المراد بالنطق إدراك الكليات وهو مختص بالإنسان لأن غيره من الحيوانات ليس
Page 135