98

Durrat Ghawwas

درة الغواص في أوهام الخواص

Investigator

عرفات مطرجي

Publisher

مؤسسة الكتب الثقافية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨/١٩٩٨هـ

Publisher Location

بيروت

مَنعك أَن تسْجد بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى فِي السُّورَة الْأُخْرَى: ﴿مَا مَنعك أَن تسْجد لما خلقت بيَدي﴾، وَمِنْه قَول الراجز: (وَمَا ألوم الْبيض أَلا تسخرا ... إِذا رأين الشمط المنورا) أَي لَا ألوم الْبيض أَن تسخر إِذا رأين الشيب. وَالْأَصْل فِي مباني الأفاعيل مُلَاحظَة حفظ الْمعَانِي الَّتِي تتَمَيَّز باخْتلَاف صِيغ الْأَمْثِلَة فَبنى مِثَال من فعل الشَّيْء مرّة على فَاعل، نَحْو قَاتل وفاتك، وَبنى مِثَال من كرر الْفِعْل على فعال مثل قتال وفتاك، وَبنى مِثَال من بَالغ فِي الْفِعْل، وَكَانَ قَوِيا عَلَيْهِ على فعول، مثل صبور وشكور، وَبنى مِثَال من اعْتَادَ الْفِعْل على مفعال، مثل امْرَأَة مذكار إِذا كَانَ من عَادَتهَا أَن تَلد الذُّكُور، ومئناث إِذا كَانَ من عَادَتهَا أَن تَلد الْإِنَاث، ومعقاب إِذا كَانَ من عَادَتهَا أَن تَلد ذكرا نوبَة ذكرا ونوبة أُنْثَى وَبنى مِثَال من كَانَ آلَة للْفِعْل وعدة لَهُ، على مفعل نَحْو محرب ومرجم. وَحكى ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: دفع رجل رجلا من الْعَرَب فَقَالَ الْمَدْفُوع: لتجدني ذَا منْكب مزحم وركن مدعم وَرَأس مصدم ولسان مرجم وَوَطْء ميثم، أَي مكسر. وَسُئِلَ بعض أهل اللُّغَة عَن قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا رَبك بظلام للعبيد﴾، لم ورد على وزن فعال الَّذِي صِيغ للتكثير وَهُوَ سُبْحَانَهُ منزه عَن الظُّلم الْيَسِير فَأجَاب عَنهُ: أَن أقل الْقَلِيل من الظُّلم لَو ورد مِنْهُ وَقد جلّ سُبْحَانَهُ عَنهُ لَكَانَ كثيرا لاستغنائه عَن فعله وتنزهه عَن قبحه، وَلِهَذَا يُقَال: زلَّة الْعَالم كَبِيرَة، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ المَخْزُومِي الشَّاعِر فِي قَوْله: (ألعيب فِي الْجَاهِل المغمور مغمور ... وعيب ذِي الشّرف الْمَذْكُور مَذْكُور) (كفوفة الظفر تخفي من حقارتها ... وَمثلهَا فِي سَواد الْعين مَشْهُور)

1 / 106