142

Durrat Ghawwas

درة الغواص في أوهام الخواص

Investigator

عرفات مطرجي

Publisher

مؤسسة الكتب الثقافية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨/١٩٩٨هـ

Publisher Location

بيروت

هَذِه الْأَسْمَاء بالغايات، أَي قد جعلت غَايَة للنطق، بَعْدَمَا كَانَت مُضَافَة، ولهذه الْعلَّة اسْتَوْجَبت أَن تبنى، لِأَن آخرهَا حِين قطع عَن الْإِضَافَة صَار كوسط الْكَلِمَة، ووسط الْكَلِمَة لَا يكون إِلَّا مَبْنِيا، وَإِنَّمَا بنيت على الضمة لِأَنَّهَا فِي حَالَة الْإِضَافَة تعرف تَارَة بِالنّصب وَأُخْرَى بِالْجَرِّ، فخصت عِنْد الْبناء بِالضَّمِّ الَّذِي خَالف حركتي إعرابها، ليعلم بِهِ أَنَّهَا مَبْنِيَّة لَا معربة.
على أَن أول إِذا أعرب لَا يصرف لِأَنَّهُ على وزن أفعل وَهُوَ صفة، وَلِهَذَا قَالُوا: كَانَ ذَلِك عَاما أول، وَمَا رَأَيْته مذ أول من أمس، وَلم يسمع صرفه إِلَّا فِي قَوْلهم: مَا تركت لَهُ أَولا وَلَا آخرا، فجعلوه فِي هَذَا الْكَلَام اسْم جنس، وأخرجوه عَن حكم الصّفة، واجروا هَذَا الْكَلَام بِمَعْنى مَا تركت لَهُ قَدِيما وَلَا حَدِيثا.
وَمن مفاحش ألحان الْعَامَّة إلحاقهم هَاء التَّأْنِيث بِأول فَيَقُولُونَ الأولة كِنَايَة عَن الأولى، وَلم يسمع فِي لُغَات الْعَرَب إدخالها على أفعل الَّذِي هُوَ صفة، مثل أَحْمَر وأبيض، وَلَا على أفعل الَّذِي هُوَ للتفضيل نَحْو أفضل وَأول، وَالْعجب أَنهم فِي حَال صغرهم ومبدأ تعلمهمْ فِي مكاتبم، يَقُولُونَ: جُمَادَى الأولى فيلفظون بِالصَّحِيحِ، فَإِذا نبلوا ونبهوا أَتَوا باللحن الْقَبِيح.
وَنَظِير أول فِي المبنيات على الضَّم أَنَّك تَقول: انحدر من فَوق، وَأَتَاهُ من قُدَّام واستردفه من وَرَاء، وَأَخذه من تَحت، فتبنى هَذِه الْأَسْمَاء على الضَّم، وَإِن كَانَت ظروف أمكنة، لاقتطاعها عَن الْإِضَافَة، وعَلى ذَلِك قَول الشَّاعِر:
(ألبان إبل تعلة بن مساور ... مَا دَامَ يملكهَا عليّ حرَام)
(لعن الْإِلَه تعلة بن مساور ... لعنا يصب عَلَيْهِ من قُدَّام)
أَرَادَ من قدامه، فَلَمَّا حذف الضَّمِير مِنْهُ واقتطعه عَن الْإِضَافَة بناه على الضَّم.
[١١٦] وَيَقُولُونَ لهَذَا النَّوْع من المشموم: سوسن بِضَم السِّين، فيوهمون فِيهِ، كَمَا أَن بعض الْمُحدثين ضمهَا فتطير من اسْمه حِين أهدي إِلَيْهِ، وَكتب من أهداه لَهُ:

1 / 150