55
القرآن، وأمّا الغَلطُ والنِّسيانُ فأثبتهما بعضُهم مستدلًا بقول ذي الرمة: ٧٢ - لَمْياءُ في شفَتْيها حُوَّةٌ لَعَسٌ ... وفي اللِّثاثِ وفي أَنْيابِها شَنَبُ قال: لأنَّ الحُوَّة السوادُ الخالص، واللَّعَسُ سوادٌ يَشُوبه حمرة. ولا يَرِدُ هذان البدلان في كلامٍ فصيحٍ، وأمَّا بدلُ الكلِّ من البعضِ فأثبته بعضُهم مستدلًا بظاهر قوله: ٧٣ - رَحِم اللهُ أَعْظُمًا دَفَنُوها ... بسجِسْتَان طَلْحَةَ الطَّلَحاتِ وفي روايةِ مَنْ نَصَبَ «طلحة» قال: لأن الأعظُمَ بعضُ طلحة، وطلحة كلٌ، وقد أُبْدِل منها، واستدلَّ على ذلك أيضًا بقول امرئ القيس: ٧٤ - كأني غداةَ البَيْنِ يومَ تَحَمَّلوا ... لدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنْظَلِ فغذاةَ بعضُ اليوم، وقَد أبدل «اليومَ» منها. ولا حُجَّة في البيتين، أمَّا الأولُ: فإن الأصل: أعظُمًا دفنُوها أعظمَ طلحة، ثم حُذِفَ المضافُ وأُقيم المضاف إليه مُقامه، ويَدُلُّ على ذلك الروايةُ المشهورة وهي جر «طلحة»، على أن الأصل: أعظُمَ طلحة، ولم يُقِم المضافَ إليه مُقامَ المضاف، وأمَّا الثاني فإن اليوم يُطلق على القطعة من الزمان كما تقدَّم. ولكلِّ مذهبٍ من هذه المذاهب دلائلُ وإيرادات وأجوبةٌ، موضوعُها كتب النحو.

1 / 66