128
يعتقدان أن» ما «موصولةٌ حرفيةٌ، وأمّا مذهبُ الأخفش وابن السراجِ فلا يلزمهما القولُ به، ولكنه يُشْكِل على أبي البقاء وحدَه فإنه يستضعف كونَ» ما «مصدريةً كما تقدم.
قوله تعالى: ﴿ألا إِنَّهُمْ هُمُ المفسدون﴾: الآية. «ألا» حرف تنبيه واستفتاح، وليست مركبةً مِنْ همزةِ الاستفهام ولا النافيةِ، بل هي بسيطةٌ، ولكنها لفظٌ مشتركٌ بين التنبيه والاستفتاح، فتدخلُ على الجملة اسميةً كانت أو فعلية، وبين العَرْض والتخصيص، فتختصُّ بالأفعال لفظًا أو تقديرًا، وتكون النافيةَ للجنس دَخَلَتْ عليها همزةُ الاستفهام، ولها أحكامٌ تقدَّم بعضها عند قوله ﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢]، وتكونُ للتمني فتجري مَجْرى «ليت» في بعض أحكامِها. وأجاز بعضُهم أن تكون جوابًا بمعنى بلى، يقول القائل: لم يقم زيد، فتقول: ألا، بمعنى بلى قد قام، وهو غريب. و«إنهم» «إنَّ» واسمُها، و«هم» تَحْتمل ثلاثةَ أوجه، أحدها: أن تكون تأكيدًا لاسم «إنَّ» لأنَّ الضميرَ المنفصلَ المرفوعَ يجوز أن يؤكَّد به جميعُ ضروبِ الضميرِ المتصلِ، وأن تكون فصلًا، وأن تكونَ مبتدأ و«المفسدون» خبره، وهما خيرٌ ل «إنَّ»، وعلى القَولَيْن الأَوَّلَيْن يكونُ «المفسدون» وحده خبرًا لإِنَّ. وجيء في هذه الجملة بضروبٍ من التأكيد، منها: الاستفتاحُ والتنبيه والتأكيدُ بإنَّ وبالإِتيانِ وبالتأكيدِ أو الفصلِ بالضميرِ وبالتعريفِ في الخبر مبالغةً في الردِّ عليهم فيما ادَّعَوه من قولهم: إنما نحن مصلحون، لأنهم أَخْرجوا الجوابَ جملةً

1 / 139