Al-Durr al-Manẓūm al-Ḥāwī li-Anwāʿ al-ʿUlūm
الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم
Genres
ويفعل أكبر من فعلك، وأما ما ذكرت من كثرة مخارج الإمام أحمد بن الحسين عليه السلام وغيره من الأئمة الكرام، فذلك بسبب كثرة المال والرجال، واتساع المجاهدين لديه، وبذل أرواحهم بين يديه، ذكر في سيرته أنه كان عدد خيله في محطته على صنعاء ألف وأربعمائة، وأعانه على ذلك العلماء الكبار، مثل الفقيه حميد الشهيد، حتى وفي برأسه، والفقيه قاسم بن أحمد الشاكري (1)، والقاضي مسعود بن عمرو العنسي (2)، والفقيه عبد الله بن زيد العنسي(3)، وغيرهم، والإمام المنصور عليه السلام قام معه الأمير عماد الدين، وصنوه بدر الدين، والأمير مجد الدين وغيرهم، فإنك إذا نظرت في سيرتهم وكثرة أعوانهم وأموالهم، ونظرت في إمامنا، وقلة أعوانه، وماله، وعلو همته، وظهور حاله، عرفت كماله، وقد عرفت أنه ألزم الناس الجهاد غير مرة، وحركهم وحثهم بالرسائل والأشعار وطالب الناس بالجهاد، فما أجابه رجل، وإنما دأبهم يأمروه إفعل كذا وكذا عكس قالب الإمامة، إذ الإمام الآمر فصار في حكمهم المأمور، وإن لم يأتمر طعنوا، هذه سيرة السفهاء لا سيرة الفقهاء وأهل العلم وأرباب النها، أما أيام الصراب فيفدون إليه أفواجا أفرادا وأزواجا لطلب ما في يده لو يحصل للواحد منهم جميع مملكته، وعجبت منهم حال وصولهم إليه، مع حضوري لديه، هل يسأله أحدهم عن أحواله وما هو عليه، ما يعلم الله سمعت ذلك من واحد منهم، إلا هاتني، أعطني، اكتب لي، افعل لي، اصنع لي ، وليتهم مع ذلك يشكروه أو لا يمدحوه ولا يذموه، هل تقوم قناة الدين بهؤلاء الغوغاء المدبرين، لقد استولدت عقيم، وقومت غير قويم.
وأما ما ذكرت من أنه حول السودة (1) وكحلان (2) وفلله (3) لا سوى، فاعلم أن هذا مما لا يطعن به فحفظ الموجود أوجب من طلب الزيادة، وقد نص العلماء أن حفظ بلاد المسلمين أقدم من الغزو إلى بلاد الكفار، لهذه العلة، ولو أن الإمام عليه السلام سهل في السودة لحكمتم أنتم وغيركم ببطلان إمامته، وهذه محنة إن حفظها اعترضتم، وأضفتم إليه الذل ووصفتم، وإن أهملها اعترضتم، وأضفتم إليه عدم التدبير وقطعتم.
Page 452