قال مولانا أبقاه الله تعالى: ثم إنا نقول: أي الأدلة المعتبرة دلت على فسق من ينفي إمامة الإمام أو يتوقف، وأي طرق الشرع أو العقل اقتضى ذلك؟ أما العقل فلا مجال له ها هنا، فما حجة القائلين بذلك والذاهبين إليه من أدلة الشرع؟
أما أكثر أئمتنا وعلمائنا فالظاهر عنهم القول بعدم التفسيق، ولهذا نقل عنهم حسن الثناء على المشائخ المتقدمين على أمير المؤمنين علي عليه السلام والترضية عنهم، والتعظيم العظيم لهم، مع أن أولئك المشائخ المذكورين نفوا إمامة علي عليه السلام وزادوا على النفي بما ظاهره البغي، فإنهم تصدروا وأهلوا أنفسهم للإمامة، ورأوا أنهم أولى بها منه، هذا وإمامته عليه السلام أظهر من إمامة غيره، لقيام النصوص عليه، ووضوح الأدلة على عصمته، وكثرة فضائله، وعلو شأنه، وارتفاع مكانه.
ونقول: سلمنا أن الإمامة قطعية، فليس من لازم كل مسألة قطعية أن المخطئ فيها فاسق، إذ ليس كل خطأ كبيرة، فإنه لا يثبت كون المعصية كبيرة إلا بدليل، كما ذكروه من ثبوت الحد عليها أو التصريح، بعظمها أو فحشها أو كبرها ونحو ذلك، أو الوعيد عليها بعينها، على خلاف في ذلك، ولا أعلم حصول شيء من هذه الطرق في مسألتنا.
أقول: اعلم أن التفسيق في هذه المسألة مما عظم فيه الإشكال وكثر فيه القيل والقال، والناس في ذلك فريقان فريق قطع بالفسق، وفريق لم يقطع لعدم قيام الدليل عنده، وقال عليه السلام : (لأن أخطئ في العفو أحب إلي من أن أخطئ في العقوبة) (1) وإلى هذا مال جماعة من حذاق العلماء رحمهم الله، وبقولهم أقول.
Page 277