أقول: الواجب على الأئمة حمل أتباعهم على السلامة، وإنما أقدموا عليه من الاعتقاد وتوابعه من تسليم الحقوق ونحوه كان عن دليل، وليس عليهم أن ينكروا على الأتباع قبل أن يعلموا حقيقة أمرهم، وأما بعد علمهم بأن اعتقادهم صدر لا عن دليل فلا شك في لزوم الإنكار حينئذ، فقد ساعدنا مولانا إلى ما رام من لزوم الإنكار على من كانت تلك صفته.
فإن قال: إنا قد علمنا من حال الأئمة أنهم لم ينكروا، فإما حكمنا بخطأ الأئمة، أو بكون المسألة ظنية، قلنا: قد دللنا على أنها قطعية، فإن صح عن الأئمة أنهم تركوا اللايمة كان ذلك دليلا على عدم علمهم بحال الأتباع، لا على خطئهم بتركهم للإنكار عليهم، ولا على كون المسألة ظنية، ومع عدم علمهم لا يلزمهم الإنكار كما قدمنا، ويصير حال الأئمة في ذلك كحال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فإذا حسن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر العربي الجلف باعتقاد نبوته وتسليم الحقوق إليه من غير أن يأمره بتقديم النظر في ذلك حملا لمن اتبعه على السلامة، فبالأولى أن يحسن ممن هو دونه وهو الإمام، أمر العوام باعتقاد إمامته وتسليم الحقوق إليه، ثم حملهم بعد الإتباع والتسليم على أن ذلك كان عن دليل.
فإن قال: إن بين المسألتين فرقا، فإن مسائل الإمامة أخفى من مسائل النبوة، قلنا: لا نسلمه، فإن في مسائل النبوة ما يحتاج إلى دقيق النظر، بل لو ادعى العكس في ذلك لأمكن، ثم لو سلمنا ما ذكره من زيادة خفاء مسائل الإمامة على مسائل النبوة، فلا شك أن في سائر مسائل الأصول ما هو أدق وأخفى من مسائل الإمامة، فكان يلزم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسائر العلماء الإنكار على العوام جميع ما اعتقدوه من ذلك، وخلافه معلوم، ما ذلك إلا لما ذكرنا من الحمل على السلامة.
Page 274