لقد بلغني أن القاسم بن علي العياني(1) ويوسف الداعي(2) قد تعارضا وادعى كل منهما أنه الإمام دون صاحبه، وكانا مع ذلك أهل تواد وتصاف، حتى كانا كثيرا ما يقول كل واحد منهما في كتابه إلى الآخر جعلني الله فداك ، ومثل هذا لا يعامل به ذو التمييز من يعتقد فسقه، بل يتوجه عليه مباينته، والإغلاظ له، وعدم الموادة، وكذلك اطلعت أنا على مكاتبة من بعض عيون أتباع حي الإمام الناصر عليه السلام محمد بن علي بن محمد(3) إلى محمد بن علي بن وهاس(1) العالم الشهير، وقد دعا إلى نفسه وعارض الناصر عليه السلام وادعى قصوره ونفى إمامته، يطلبون منه الإقلاع عن المعارضة، وشق العصا بتعظيم وتبجيل وتكرمة وتجليل وإلطاف في التعبير، وأقرب من هذا وأظهر ما كان بين الإمامين الهادي علي بن المؤيد والمهدي(2) أحمد بن يحيى سلام الله عليهما من الموالاة والمصافاة وحسن المؤاخاة في الله مع اعتقاد كل واحد منهما أنه الإمام دون صاحبه، وأن الآخر غير كامل الشرائط، أما حي والدنا الإمام الهادي لدين الله فذلك متواتر عنه، كان يصف المهدي بعدم التدبير ويقطع بذلك في حقه ويصرح بأنه قد أيس منه في حبسه الأخير حتى أنه حين وصل إليه المهدي أوان أخذه لصعدة ودخوله لها، وذلك بعد خروج المهدي عن الحبس تلقاه الهادي بالإكرام وأنشد أبياتا ضمنها:
وما جيت حتى أيس الناس أن تجي
Page 235