أقول: قد تقدم ذكر التوقف وحكمه، وأتينا فيه بمالا مزيد عليه، والتحقيق أنه لا وجه لإطالة التوقف ولا مقتضى له، فإن مسألة الإمامة وشروطها واضحة جلية غير غامضة، ولا حقية فما في إطالة الخبرة تعسير الأمر وهو هون على الإمام، ولا معنى للتوقف إلا في حق رجلين، رجل منتزح عن الإمام فاضطربت عنده الروايات في كماله وعدمه، وإجابة الناس له وعدمها، وكمال الشرائط فيه وانتقاصها، فشأنه التوقف حتى يهيء الله تعالى له البلوغ إلى عند الإمام، وفهم الصحيح مما بلغه وخلافه، أو حتى يتواتر له الصحيح من ذلك ويضمحل الفاسد.
ورجل بلغ إلى الإمام ليختبره، ولم يمض من المدة ما يحصل فيه الاختبارالحقيقي والاطلاع على إحراز النصاب المعتبر من كل شرط، وأما ما عدا ذلك مما هو إلا من قبيل السخافة والجهالة، أو من قبيل اتباع الهوى والغرض، وعروض السقم للبصيرة والمرض، فكم من متوقف يطول توقفه، ويستمر تعسفه، ولا حامل له على ذلك إلا ما يعرض له في كل واحد من طرفي الإثبات والنفي من الشوائب الدنيوية، والأحوال التي لا تكون عنده مرضية، وما هذا دين الله تعالى، ولا بين الحق والباطل من واسطة، ولا بأس بأن يباحث الإمام المتوقف ويسأله عن سبب توقفه إن كان شك في شيء من الشروط قرر عليه حصوله وثبوته.
Page 212